السؤال
القرآن الكريم ثابت بالقطع، ولقد تكفل الله بحفظه، ولا يمكن الزيادة فيه، ولا الإنقاص منه، فلماذا اختلف العلماء في ثبوت البسملة في أول كل سورة سوى سورة براءة، فثبوتها ظني، وعدم ثبوتها ظني، ولا يكفر منكر ثبوتها، ولا يكفر مثبتها؟؟
لا أريد عرض أدلة كل مذهب، وإنما أريد المسوغ لكون البسملة في أول كل سورة ظنية الثبوت، والقرآن قطعي كله.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أجمعت الأمة كلها على كون القرآن قطعي الثبوت، وعلى أن من نفى حرفا منه، كفر.
واختلفوا في البسملة، فاتفقوا على أن من أثبتها، أو نفى قرآنيتها، لا يكفر، وهذا لا إشكال فيه، فالنافي لها يحتج بأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وما لم تتواتر، فليست قرآنا، قال ابن العربي: ويكفيك في أنها ليست قرآنا، اختلاف الناس فيها، والقرآن لا يختلف فيه. انتهى.
والمثبت يقول: يكفي الظن في هذا الموضع، ولا يشترط القطع، ويسلم بأن المسألة ظنية، وأن المنكر لقرآنيتها، لا يكفر، قال الغزالي فيما نقله عنه النووي: ونحن نقنع في هذه المسألة بالظن، ولا شك في حصوله. انتهى. وقال النووي: وأما الجواب عن قولهم: لا يثبت القرآن إلا بالتواتر، فمن وجهين: (أحدهما): أن إثباتها في المصحف في معنى التواتر، (والثاني): أن التواتر إنما يشترط فيما يثبت قرآنا على سبيل القطع، أما ما يثبت قرآنا على سبيل الحكم، فيكفي فيه الظن، كما سبق بيانه، والبسملة قرآن على سبيل الحكم، على الصحيح، وقول جمهور أصحابنا، كما سبق. انتهى. وقال أيضا: أجمعت الأمة على أنه لا يكفر من أثبتها، ولا من نفاها؛ لاختلاف العلماء فيها، بخلاف ما لو نفى حرفا مجمعا عليه، أو أثبت ما لم يقل به أحد، فإنه يكفر بالإجماع، وهذا في البسملة التي في أوائل السور، غير براءة، وأما البسملة في أثناء سورة النمل: (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم)، فقرآن بالإجماع، فمن جحد منها حرفا، كفر بالإجماع. انتهى.
وبكل حال؛ فالمسألة مما لا إشكال فيه، فلا ينافي اختلاف الناس في قرآنية البسملة كون ما عداها مقطوعا به، فهذا إجماع من المسلمين، كما مر.
والله أعلم.