تعريف الغيبة وما يجب على من سمعها في المجلس

0 63

السؤال

أريد شرحا وافيا عن أشكال الغيبة المحرمة، فإذا قلت: إن العمارة التي يعمل فيها فلان قديمة، وغير جميلة، فهل هذا يدخل في الغيبة؟ وإذا تحدثت عن مشكلة ما بين الأقارب، وأظهرت بطريقة ما أني ألومه على ما حصل، أو تساءلت لماذا حصل منك هذا الأمر، لكن دون أن أنطق بالكلام، فهل هذا غيبة؟ وما حكم الكلام دون ذكر تفاصيل المشكلة؟ وإذا سألني أحد عن الأكثر سمنة هو أم فلان -الذي أعرفه أنا-، فهل هذا من الغيبة؟ أريد أمثلة على الغيبة؛ حتى أعرف أحكامها.
وهل يكفيني عند سماع الغيبة أن لا أنكر مباشرة، لكن أرسل حكما عاما حول ما قاله الشخص في رسالة؟ أريد شرحا حول المسألة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:                    

 فإن تعريف الغيبة هي ذكر الإنسان أخاه المسلم بما يكره أن يذكر به, وأمثلتها كثيرة، نورد بعضها، كما جاء في كتاب الأذكار للإمام النووي -رحمه الله تعالى-:

فأما الغيبة: فهي ذكرك الإنسان بما فيه مما يكره، سواء كان في بدنه، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خلقه، أو خلقه، أو ماله، أو ولده، أو والده، أو زوجه، أو خادمه، أو مملوكه، أو عمامته، أو ثوبه، أو مشيته، وحركته، وبشاشته، وخلاعته، وعبوسه، وطلاقته، أو غير ذلك مما يتعلق به، سواء ذكرته بلفظك، أو كتابك، أو رمزت، أو أشرت إليه بعينك، أو يدك، أو رأسك، أو نحو ذلك...

إلى أن يقول: وضابطه: كل ما أفهمت به غيرك نقصان مسلم، فهو غيبة محرمة. انتهى.

وكذلك لو كان يكره سماع ما قيل عنه في غيبته, قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: الغيبة أن تتكلم خلف الإنسان بما يكرهه لو سمعه، وكان صدقا. انتهى.

وبناء عليه؛ فإن الحديث عن مسلم بكونه يعمل في عمارة قديمة, أو غير جميلة مثلا, أو الحديث عن فلان بكونه أسمن من فلان مثلا, ومثل ذلك لوم شخص بكونه قال كذا, أو فعل، كل هذا يعد من الغيبة، إذا كان بقصد التنقيص، أو كان الشخص المذكور يكره أن يقال عنه.

أما إذا لم يكن بقصد التنقيص, أو كان الشخص المقول فيه لا يكرهه، فإنه لا يعد غيبة.

 أما حديث النفس من غير نطق اللسان, فإنه لا يعد غيبة، وراجعي الفتوى: 162999.

وبخصوص ما يلزم من سمع غيبة في مجلس معين، فنورد ما ذكره النووي في الأذكار لما فيه من الوضوح, والفائدة حيث يقول:

اعلم أن الغيبة كما يحرم على المغتاب ذكرها، يحرم على السامع استماعها، وإقرارها، فيجب على من سمع إنسانا يبتدئ بغيبة محرمة، أن ينهاه، إن لم يخف ضررا ظاهرا، فإن خافه، وجب عليه الإنكار بقلبه، ومفارقة ذلك المجلس، إن تمكن من مفارقته.

فإن قدر على الإنكار بلسانه، أو على قطع الغيبة بكلام آخر، لزمه ذلك، وإن لم يفعل عصى.

فإن قال بلسانه: اسكت، وهو يشتهي بقلبه استمراره، فقال أبو حامد الغزالي: ذلك نفاق، لا يخرجه عن الإثم، ولا بد من كراهته بقلبه.

ومتى اضطر إلى المقام في ذلك المجلس الذي فيه الغيبة، وعجز عن الإنكار، أو أنكر فلم يقبل منه، ولم يمكنه المفارقة بطريق، حرم عليه الاستماع، والإصغاء للغيبة، بل طريقه أن يذكر الله تعالى بلسانه، وقلبه، أو بقلبه، أو يفكر في أمر آخر ليشتغل عن استماعها، ولا يضره بعد ذلك السماع، من غير استماع، وإصغاء، في هذه الحالة المذكورة.

فإن تمكن بعد ذلك من المفارقة، وهم مستمرون في الغيبة، ونحوها، وجب عليه المفارقة، قال الله تعالى: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) {الأنعام:68}. انتهى.

وراجعي المزيد في الفتوى: 226435.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات