السؤال
ظلمني شخص ظلما كبيرا، ودعوت الله أن يأخذ لي حقي، وبعد فترة وجدت هذا الشخص في أحسن حال، وأعطاه الله ما حرمني هو منه. فأين حقي؟
ظلمني شخص ظلما كبيرا، ودعوت الله أن يأخذ لي حقي، وبعد فترة وجدت هذا الشخص في أحسن حال، وأعطاه الله ما حرمني هو منه. فأين حقي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحكمة الله تعالى في قضائه وقدره، أعظم وأكبر وأشمل وأوسع من أن يحيط المرء بها علما، ولا يليق بمن يعرف مقام الربوبية، وحقيقة العبودية أن يعترض على شيء من ذلك، بل يقوده إيمانه إلى التسليم التام، والإذعان لحكم الله تعالى، والإقرار القاطع بكماله المطلق في خلقه وأمره، وقضائه وقدره، فله في ذلك كله: الحجة البالغة، والحكمة الباهرة.
وهنا نلفت نظر السائلة إلى أن الدنيا ليست بدار جزاء، وليست ميزانا للتفاضل بين الناس، وحصول زهرتها أو الحرمان منها، لا يدل لا على فضل ولا على منقصة. وإقامة العدل المطلق لا يكون فيها، وإنما يكون في الآخرة، كما قال تعالى: ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين. {الأنبياء:47}. وقال عز وجل: ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار. {إبراهيم 42}.
وقد يملي الله فيها للظالم، ويستدرجه من حيث لا يحتسب، وذلك من جملة عقابه له في الدنيا، فعن أبي موسى - رضي الله عنه - ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته. ثم قرأ: وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد. [ هود : 102] متفق عليه.
فهذا الظالم الذي تشير إليه السائلة إن لم يؤخذ منه الحق في الدنيا، فأمامه يوم يقام فيه القسط بمثاقيل الذر، حتى بين الحيوانات العجماء، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء. رواه مسلم.
فالمظلوم ينتظر نصر الله له: إما عاجلا في الدنيا، وإما آجلا في الآخرة، وراجعي في ذلك الفتوى: 124756.
وأما الدعاء: فإن الله تعالى لا يضيع أثره على عبده المؤمن، ما لم يستعجل، ويترك الدعاء، ولكن صور الإجابة تتعدد: فإما أن يعطى ما سأل، وإما أن يصرف عنه من السوء مثله، وإما أن يدخر له في الآخرة، وراجعي في ذلك الفتويين: 123662، 183023.
والله أعلم.