السؤال
إذا حكمت المحكمة للزوجة بمبلغ للنفقة، ورفض الزوج دفعه، وهو مقتدر.
فهل إذا مات، يجب سدادها من الميراث؟ أم يقتصر الأمر على سداد المؤخر فقط؟
إذا حكمت المحكمة للزوجة بمبلغ للنفقة، ورفض الزوج دفعه، وهو مقتدر.
فهل إذا مات، يجب سدادها من الميراث؟ أم يقتصر الأمر على سداد المؤخر فقط؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين لنا أخي السائل حقيقة هذه النفقة التي حكمت بها المحكمة: هل هي نفقة لمحضون في حجر الزوجة المطلقة، أم أن الزوجة باقية في عصمة الزوج، ويأبى الزوج أن ينفق عليها، أم هي نفقة لها في عدة طلاق أم ماذا؟
والذي يمكننا قوله باختصار: أن نفقة الزوجة واجبة على زوجها، ولا تسقط عنه بمضي زمانها أو بموته، بل تبقى دينا في ذمته كالمهر في قول جمهور أهل العلم، لا سيما إذا قضت بها المحكمة، ويرى بعض الفقهاء أنها تسقط.
جاء في الموسوعة الفقهية: قضاء النفقات:
ذهب المالكية والشافعية، والحنابلة في أظهر الروايتين، والحسن وإسحاق وابن المنذر إلى أن من ترك الإنفاق الواجب لامرأته مدة، لم يسقط بذلك، وكان دينا في ذمته، سواء تركه لعذر أو لغير عذر؛ لأنه مال يجب على سبيل البدل في عقد معاوضة، فلا يسقط بمضي الزمان، كالثمن والأجرة والمهر.
ويرى الحنفية والحنابلة في الرواية الأخرى، أنه إذا مضت مدة ولم ينفق عليها سقطت النفقة، إلا أن تكون قد قضي بها ....
وصرح الحنفية بأنه إذا مات أحد الزوجين بعد القضاء أو الاصطلاح قبل القبض، سقطت النفقة؛ لأنها صلة من الصلات، تسقط بالموت قبل القبض، هذا حكم نفقة الزوجة. اهــ مختصرا.
وللمنفق على الزوجة -كأبيها أو أخيها- إذا أنفق عليها بنية الرجوع أن يطالب الزوج به أيضا.
جاء في كشاف القناع: ولو امتنع زوج أو قريب من نفقة واجبة بأن تطلب منه النفقة فيمتنع، فقام بها غيره، رجع عليه منفق عليه بنية الرجوع؛ لأنه قام بواجب كقضاء دينه، وتقدم. اهــ.
ولها أيضا أن تستدين عليه إن تعذر أخذ النفقة من ماله.
جاء في حاشية الشبراملسي الشافعي على نهاية المحتاج: سئل شيخنا الشهاب الرملي عن: امرأة غاب عنها زوجها وترك معها أولادا صغارا، ولم يترك عندها نفقة، ولا أقام لها منفقا، وضاعت مصلحتها ومصلحة أولادها. وحضرت إلى حاكم شرعي وأنهت له ذلك، وشكت وتضررت وطلبت منه أن يفرض له ولأولادها على زوجها نفقة، ففرض لهم عن نفقتهم نقدا معينا في كل يوم، وأذن لها في إنفاق ذلك عليها وعلى أولادها، أو في الاستدانة عليه عند تعذر الأخذ من ماله والرجوع عليه بذلك، وقبلت ذلك منه. فهل التقدير والفرض صحيح...
فأجاب: تقدير الحاكم في المسائل الثلاث صحيح؛ إذ الحاجة داعية إليه، والمصلحة تقتضيه. فله فعله، ويثاب عليه، بل قد يجب عليه. اهــ.
والله أعلم.