لا مؤاخذة على التفكير في المعصية بغير عزم

0 419

السؤال

(إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) مع أنني أعلم أن الله تجاوز عن ما في نفوس أمة محمد
فأتمنى أن توضحوا لي هذه الآية ومقارنتها مع الحديث؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الآية التي سألت عنها منسوخة بقول الله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [البقرة:286]. وتوضيح هذا في تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى، حيث قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير [البقرة:284]، اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جثوا على الركب وقالوا: يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما أقر بها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير [البقرة:285]، فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين [البقرة:286]. ورواه مسلم منفردا به من حديث يزيد بن زريع عن روح بن القاسم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة فذكر مثله، ولفظه: فلما فعلوا ذلك نسخها الله، فأنزل الله: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين [البقرة:286]، قال: نعم. انتهى. أما الحديث فهو في صحيح البخاري ومسلم ولفظ البخاري: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. ، قال قتادة: إذا طلق في نفسه فليس بشيء. وخلاصة الأمر أن الآية المسؤول عنها منسوخة بقول الله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وبالتالي يحصل الاتفاق بين معناها ومعنى الحديث السابق في رفع الحرج وعدم المؤاخذة في ما يدور في نفس الإنسان من التفكير في المعصية من غير عزم ولا توطين للنفس على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 10756، والفتوى رقم: 30754. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات