السؤال
نحن من المغرب، وأحد الإخوة طالب علم، وقد ابتلاه الله بوالدين بعيدين غاية البعد عن الدين، وهذا الأخ يعاني من حالة اكتئاب نفسي شديدة بسبب والديه، لكن والداه لا يعرفان ذلك؛ لأنه يخفي حاله أمامهما، وهو حريص قدر استطاعته على بر والديه، ويريد أن يكون عالما، ويقول: إنه قرأ جل ما قيل في طاعة الوالدين من أقوال الأئمة -منهم ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى، وابن تيمية، وابن الصلاح، وابن حجر، والإمام أحمد، وغيرهم-، وعرف أنه لا تجب الطاعة إلا فيما ينتفعان به، أو كان لديهما غرض صحيح في أمرهما، ومع ذلك فهو يسأل: أليس حينما يغضبان ويحزنان ويسخطان عليه، والأم قد تبكي ليلا ونهارا بسبب مخالفته، أليس هذا يعد ضررا يوجب الطاعة؟ فلو لم يطع والديه في عدم دخول كلية الشريعة، وفي عدم التفرغ لطلب العلم، أو في ترك الزهد والتقلل من الدنيا، أو في عدم صوم صيام داود، أو في عدم لبس ما يحب أن يلبس من الألبسة الإسلامية، فهو يكره لبس البنطلون، ويستحيي من لبسه، ويقول: إنه لا يليق بطالب العلم تلك الألبسة، وغيرها من الأمور التي لا تجب فيها الطاعة في الأصل، وغضب والداه، وسخطا على الابن، وتسبب في إبكاء أمه، فهل يكون عاقا في تلك الحالة؟ وأنبه إلى أن جل أوامرهما تصدر بسبب قلة الدين.
أخيرا: أعرف سياسة الموقع أنكم لا تستقبلون أكثر من سؤال، لكني سأطرح سؤالا آخر باعتبار أنه متعلق بالموضوع تماما، فهو يقول: إنه لا يفهم جيدا ماذا أراد ابن حجر الهيتمي بهذه الجمل: يقول في الفتاوى الفقهية الكبرى: وقضية هذا أنه حيث وجد ذلك التأذي - ولو من طلبه للعلم، أو زهده، أو غير ذلك من القرب -، لزمه إجابته؟
قلت: هذه القضية مقيدة بما ذكرته: أن شرط ذلك التأذي ألا يصدر عن مجرد الحمق، ونحوه، كما تقرر. شكرا جزيلا، وأعانكم الله.