السؤال
أنا مطلقة، وفي بلاد غربة، وأعيش مع أبنائي، وليس معي أب، أو أخ في الغربة، وتقدم لي شاب عربي مسلم، ذو خلق حسن، ولكن ليس من نفس جنسيتي، وطلبت من شيخ مسجد مدينتنا أن يكون وليا لي، ويزوجني؛ ففعل، وأنا الآن أعيش معه، وأهلي ليس لديهم علم؛ خشية لومهم لي على أني تزوجت من غير أبناء بلدي، وخشية من أن يأخذ زوجي السابق الأولاد مني لو علم بذلك، علما أني مرتاحة جدا معه، وهو يرعاني، ويخاف الله في، فهل علي إثم أم لا؟ وماذا علي أن أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أن الواجب على من يجهل الأحكام الشرعية أن يسأل أهل العلم فيما يحتاج إلى معرفة حكمه، قبل أن يقدم على الفعل، قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته، فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون {النحل:43}، وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه؛ حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
وقد اختلف الفقهاء في حكم الولي في النكاح، والذي نرجحه منها هو قول جمهور الفقهاء، وهو اشتراط ذلك، خلافا لأبي حنيفة، حيث ذهب إلى صحة النكاح بغير ولي.
وبناء على ما نرجحه؛ فإنك تأثمين بالإقدام على النكاح بغير ولي، ويكون نكاحا باطلا، يجب فسخه، وتجديد العقد بإذن الولي، إن كانت هنالك رغبة في استمرار الزوجية، وراجعي الفتوى: 1766.
وإن تم عقد النكاح تقليدا لأبي حنيفة، فإنه يمضي بذلك.
وننبه إلى ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن اختلاف الجنسية بين الرجل والمرأة، لا يمنع شرعا من زواجه منها.
الأمر الثاني: أن مجرد وجود الولي في بلد آخر، لا يسقط عنه الولاية، فإن لم يمكن حضوره، جاز له أن يوكل من يزوج ابنته نيابة عنه، وانظري الفتوى: 147967.
وإذا امتنع الولي عن تزويج موليته بغير مسوغ شرعي، فلها الحق في أن ترفع أمرها للقضاء الشرعي، أو ما ينوب عنه، كالمراكز الإسلامية في البلاد غير الإسلامية، ويمكن مطالعة الفتوى: 309898.
الأمر الثالث: أن المرأة إذا طلقها زوجها، كانت أولى بحضانة أولادها.
وإن تزوجت، سقطت حضانتها، وتنتقل الحضانة إلى غيرها، وراجعي الفتوى: 6256، ففيها ترتيب من يستحقون الحضانة.
وإن حدث نزاع، فالمرجع للمحكمة الشرعية، أو ما يقوم مقامها.
والله أعلم.