النية في زكاة مال الصغير ومتى تنتهي الولاية على ماله

0 35

السؤال

أنا طالبة كان يجرى لي راتب أيام دراستي منذ الابتدائية، والمبلغ يعطى لوالدي، وهو يزكيه عني كل سنة، حتى بلغت الثانوية، وأنا لا أذكر أني نويت يوما إخراج الزكاة، وهو يقول: إنه أخبرني، وطلب مني توكيله، لكنني لا أتذكر، فهل يجب علي دفع زكاة المال مرة أخرى؟ والمبلغ ليس بيدي الآن، بل هو معه، فهل يجب أن أزكيه إذا استلمته، أم حتى قبل ذلك؟ بارك الله فيكم، وزادكم علما وفضلا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:           

فلا يلزمك إخراج الزكاة ثانية، ونية والدك في إخراج الزكاة عن مالك، تكفي، ولا يشترط أن تنوي أنت في صغرك، ولا أن يطلب منك توكيلا، فالشرع جعله وليا عليك يتصرف في مالك، ويخرج الزكاة عنك.

وقد نص أهل العلم على أن الزكاة في مال الصغير، تكفي فيها نية وليه، ولا يشترط أن ينوي هو، قال في كشاف القناع: ولا يجزئ إخراجها إلا بنية؛ لحديث: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (من مكلف) لا صغير، ومجنون؛ لعدم أهليته لأداء الواجب (وغير المكلف ينوي عنه وليه) لقيامه مقامه. اهــ.

وجاء في الموسوعة الفقهية عن الزكاة في مال الصغير والمجنون: ويتولى الولي إخراج الزكاة من مالهما؛ لأن الولي يقوم مقامهما في أداء ما عليهما من الحقوق، كنفقة القريب، وعلى الولي أن ينوي أنها زكاة. اهــ.

ولا تنتهي ولاية الأب بمجرد بلوغك، بل بالبلوغ، والرشد، وهو حسن التصرف في المال، جاء في الموسوعة الفقهية عند كلامه عن انتهاء الوصاية ما نصه: وإن كان هذا العمل هو النظر في شؤون الأولاد الصغار، وأموالهم، انتهت هذه الوصاية ببلوغ الصغير عاقلا رشيدا، بحيث يؤتمن في إدارة أمواله، والتصرف فيها.

ولم يحدد جمهور الفقهاء لهذا الرشد سنا معينة يحكم بزوال الوصاية عن القاصر متى بلغها، بل هو موكول إلى ظهوره بالفعل؛ وذلك عن طريق الاختبار، والتجربة:

فإذا دلت التجربة على تحقق الرشد، حكم برشده، وسلمت إليه أمواله، باتفاق الفقهاء؛ لقول الله تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم.

وإذا بلغ غير رشيد، وكان عاقلا، لا تكمل أهليته، ولا ترتفع الولاية أو الوصاية عنه في ماله، بل تبقى أمواله تحت يد وليه أو وصيه؛ حتى يثبت رشده؛ وذلك لقول الله تعالى: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم؛ فإنه منع الأولياء والأوصياء من دفع المال إلى السفهاء، وأناط دفع المال إليهم بحصول أمرين: البلوغ، والرشد، فلا يجوز أن يدفع إليهم بالبلوغ مع عدم الرشد.

وليس في هذا النص، ولا في غيره تحديد للرشد بسن معينة، بل هو موكول إلى ظهوره بالفعل؛ وذلك عن طريق الاختبار، والتجربة: فإن دلت على تحقق الرشد، كملت أهليته، وسلمت إليه أمواله، وإلا بقيت الولاية عليه، وبقيت أمواله تحت يد وليه أو وصيه، كما كانت قبل البلوغ، مهما طال الزمن. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة