السؤال
أنا مصري مغترب بالكويت، الحمد لله متزوج، ولي ثلاثة أولاد.
مشكلتي تتكون من شقين:
الأول: عدم طاعة زوجتي لي من حيث التوفير، في حين أني أرسل لها مبلغا ما بين 3 إلى 5 آلاف شهريا، وتقول إنه لا يكفي، مع العلم أن البيت ملك، يعني المبلغ مصاريف أكل وشرب، أو -لا قدر الله- في حالة الدكاترة.
لا أستطيع أن أدخر أي شيء للمستقبل، وأفكر في الطلاق وأنظر إلى أولادي، وأنا غير مستقر نفسيا، وهي كذلك. ما الحل؟
الشق الثاني: والدي كان مفتشا سابقا، ويأخذ معاشه، معه من الأطيان تقريبا 4 أفدنة ملك، يعني الحمد لله حالته جيد جدا. ونسكن في بيت تقريبا 4 قراريط ملك، وأنا لا أرسل له فلوسا.
فهل أنا آثم، مع العلم أن راتبي 200 دينار كويتي: 100 دينار أصرفها بالكويت، و100 دينار تقدر تقريبا ما بين 4 إلى 5 آلاف.
وأحيانا أعمل عملا إضافيا لأسدد ما علي من ديون، علما بأن ديوني تقدر ب 1500 دينار كويتي، وأحاول أن أسددها. ويشهد الله أني أريد الخلاص من الدين، لكن لا أستطيع في ظل هات هات.
بالإضافة إلى أنه يتدخل في أموري العائلية. على سبيل المثال: عندما اختلفت مع زوجتي وتركت ابنها ذا الشهرين، وأخذها أخوها معه. وطبعا أتى صديق لنا ليحل المشكلة، قال له أبي إنها زوجتي أنا وليست زوجته. من باب حب إظهار سيطرته علي في الحديث. وهذا أمر غير مقبول بالمرة. ومرة أخرى قريبا قال: أريد فلوس الكهرباء، وإلا سوف أقطع النور عن الأولاد، هو ساكن تحت وأنا فوق. أحدثك ونحن بتاريخ 15/7/2020 يعني في شدة الحرارة. منذ تقريبا أسبوعين أو ثلاثة أسابيع أريد أن أعزل وأبتعد عنهم، وأترك لهم فلوسهم، وآخذ أولادي وأصبر عن أولادي، وأخاف كذلك عقوق الوالدين في حين أني أرسل على فترات إلى والدتي 500 جنيه. أمي التي أخذ ميراثها ولم يعطها منه شيئا. ويقدر تقريبا لو حسب على الوقت الحالي، تقريبا 9 مليون جنيه مصري.
أرجو الرد من فضيلتكم، ولكم جزيل الشكر، ودعواتكم لنا بحسن الخاتمة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا؛ أن النفقة الواجبة للزوجة هي قدر الكفاية من المأكل والمسكن والملبس، اعتبارا بحال الزوجين، وانظر الفتوى: 105673
وعليه؛ فلا يلزمك أن تنفق على زوجتك وأولادك فوق النفقة الواجبة، ولك أن تدخر من مالك ما تشاء ما دمت تنفق على زوجتك وأولادك بالمعروف.
ولا ينبغي لك أن تطلق زوجتك بسبب الخلاف على قدر النفقة، فما دامت زوجتك صالحة، فلا تطلقها، فالطلاق ليس بالأمر الهين، فينبغي ألا يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، ولا سيما إذا كان بين الزوجين أولاد.
فتفاهم مع زوجتك على الموازنة بين النفقات والادخار المطلوب، ولا تنس أنها صابرة على غيابك، قائمة بتربية أولادك وحدها، فأحسن إليها في النفقة وتجاوز عن هفواتها.
وأما بخصوص والدك؛ فما دام غنيا، فلا يلزمك أن تعطيه شيئا من مالك، فالجمهور على أن الأب إذا كان في كفاية، لا يحق له أن يأخذ شيئا من مال ولده دون رضاه.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه، ومع عدمها، صغيرا كان الولد أو كبيرا بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
الثاني : أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر ...
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته. انتهى.
ولا حرج عليك في انفرادك بالسكن عن والديك، وليس في ذلك عقوق لهم، بل من حق الزوجة عليك أن تسكنها في مسكن مستقل مناسب، لا يشاركها فيه أحد من أهلك، وراجع الفتوى: 324259.
لكن عليك بر والديك والإحسان إليهما، ولا يجوز لك قطعهما أو الإساءة إليهما، فحق الوالدين عظيم، وبرهما من أوجب الواجبات، ومن أفضل الأعمال التي يحبها الله.
فاجتهد في بر والديك بما تقدر عليه، ولا يضرك أو يضر زوجتك وأولادك، ومن استعان بالله تعالى واستعمل الحكمة والمداراة؛ وفقه الله للقيام بحق الوالدين والإحسان إليهما من غير أن يضر نفسه وعياله.
والله أعلم.