السؤال
أنا أعلم أن اتباع الأحوط في مسألة ما بالنسبة للمقلد مستحب وليس بواجب و لكن هل لو اتبع الأحوط في مسألة ما ثم أمره أبوه بضد ما اتبعه فهل يجوز له أن يطيع أباه في ذلك؟ أم أنه مادام قد قلد من يقول بالوجوب لزمه الالتزام به؟
جزاكم الله خيرا
أنا أعلم أن اتباع الأحوط في مسألة ما بالنسبة للمقلد مستحب وليس بواجب و لكن هل لو اتبع الأحوط في مسألة ما ثم أمره أبوه بضد ما اتبعه فهل يجوز له أن يطيع أباه في ذلك؟ أم أنه مادام قد قلد من يقول بالوجوب لزمه الالتزام به؟
جزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الأخذ بالأحوط في الأحكام الشرعية مستحب، وهو ما يسميه العلماء: الخروج من الخلاف، ويكون الخروج من الخلاف بفعل ما اختلف في وجوبه، وترك ما اختلف في تحريمه. فإذا كان مقصودك بالعمل بالأحوط هو الخروج من الخلاف على ما ذكرنا، فطاعة الوالدين هنا مقدمة على فعل الأحوط، لأن فعل الأحوط مستحب، وطاعة الوالدين واجبة، والواجب مقدم. أما إذا كنت تعني بفعل الأحوط الالتزام بما قام الدليل على وجوبه مع ضعف مقابله، فلا تجوز طاعة الوالدين في تركه، لأن ترك ما قام عليه الدليل مع مقابله وسقوطه ما هو إلا ترخص بلا دليل، وليس من حق الوالدين إلزام ولديهما بذلك، إذ قد يكون فيه ترك الواجب أو فعل المحرم بلا مسوغ من الشرع، ولذلك، فإن العلماء قد نصوا على أنه لا يلزم الولد الانتقال من مذهب إلى مذهب إذا طلب أبوه منه ذلك، قال الهيثمي في الفتاوى الفقهية -شافعي-: وبهذا يعلم أنه لا يلزم الولد امتثال أمر والده بالتزام مذهب، لأن ذاك حيث لا غرض فيه صحيح، بل هو مجرد حمق ومع ذلك كله، فليحذر الولد من مخالفة والده، فلا يقدم عليها اغترارا بظواهر ما ذكرنا، بل عليه التحري التام في ذلك، والرجوع لمن يثق بدينهم وكمال عقلهم، فإن رأوا للوالد عذرا صحيحا في الأمر أو النهي، وجبت عليه طاعته، وإن لم يروا له عذرا صحيحا لم تلزمه طاعته، لكنها تتأكد حيث لم يترتب عليها نقص دين الولد وعلمه، أو تعلمه. والحاصل أن مخالفة الوالدة خطيرة جدا، فلا يقدم عليها إلا بعد إيضاح السبب المجوز لها عند ذوي الكمال. اهـ. وهذا التفصيل الذي ذكره الهيثمي -رحمه الله- تفصيل حسن ينبغي التنبه إليه والعمل به، إذ فيه براءة لدين الولد، وتوقير واحترام للوالد، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34184 27653، 17519. والله أعلم.