السؤال
أنا متزوجة من زوج كسلان عن العمل، ويقترض من الناس، فماذا أفعل؟ مع العلم أني أنصحه ولا يتقبل النصيحة، ويقوم بالتشاجر معي، فما الحكم؟
أنا متزوجة من زوج كسلان عن العمل، ويقترض من الناس، فماذا أفعل؟ مع العلم أني أنصحه ولا يتقبل النصيحة، ويقوم بالتشاجر معي، فما الحكم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد حث الشرع على العمل والسعي في سبيل كسب العيش، وهذا هو هدي الأنبياء -عليهم السلام-، والصحابة -رضوان الله عليهم-، والعلماء.
وقد جاءت بذلك جملة من النصوص، ومن ذلك ما رواه البخاري عن المقدام -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما أكل أحد طعاما قط، خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود -عليه السلام- كان يأكل من عمل يده. وقد بوب عليه البخاري: باب كسب الرجل، وعمله بيده.
وفي مسند أحمد عن رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: قيل: يا رسول الله، أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور.
فهذا هو المسلك الذي يكون به المسلم عزيزا، ويمكنه من القيام بما يجب عليه تجاه أهله وولده.
وأما الكسل والبطالة، فيجعلان صاحبهما في حاجة للناس، وقد يأثم بسببهما، إن أدى ذلك إلى تفريطه في القيام بما يجب عليه من نفقة أهله وولده، وقد ثبت في سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما، أن يضيع من يقوت.
وإذا كان يستدين، ولا يسعى لتحصيل ما يسدد به هذا الدين، فهذا تفريط من وجه آخر، ويعظم الإثم إن استدان وهو لا ينوي السداد، فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله.
وأخرج أحمد في المسند عن صهيب بن سنان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما رجل أصدق امرأة صداقا والله يعلم أنه لا يريد أداءه إليها، فغرها بالله، واستحل فرجها بالباطل، لقي الله يوم يلقاه وهو زان، وأيما رجل ادان من رجل دينا، والله يعلم أنه لا يريد أداءه إليه، فغره بالله، واستحل ماله بالباطل، لقي الله عز وجل يوم يلقاه وهو سارق.
ومثل هذا الزوج المفرط، ينبغي الدعاء له أن يصلح الله حاله، وأن تستمر زوجته في نصحه، في ضوء ما ذكرناه، أو تسلط عليه من الفضلاء من يبذل له النصح برفق، ولين، عسى أن يستجيب لهم.
وإن كانت الزوجة عندها سعة من مال، فلها الأجر فيما تنفقه على ولدها وزوجها.
فإن انتفع الزوج بذلك النصح ورجع لصوابه، فالحمد لله، وإلا فللزوجة الحق -إن لم ينفق عليها- أن ترفع أمرها للجهات المخولة بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية للمسلمين؛ لتحمل الزوج على القيام بما يجب عليه، أو يزيلوا عنها الضرر، ولو بالطلاق، إن اقتضى الأمر ذلك.
والله أعلم.