السؤال
وعدت أحد الأشخاص الذي ينوي جمع التبرعات لحفر بئر في مسقط رأسي بأن أساهم معهم بمبلغ معين، وأن يكون صدقة جارية عن أجدادي، وبعد ذلك تبين أن البئر سيكون للسقي، وليس لتزويد الناس بالماء الصالح للشرب، وأن البساتين التي ستستفيد من ماء البئر ستقوم بأداء مستحقات؛ وذلك لسد حاجيات البئر، فهل بذل المال في هذا البئر يعد صدقة جارية مثل حفر بئر للشرب؟ وهل أنا مجبر على الوفاء بهذا العهد إذا ما أردت أن أتبرع لبئر في مكان آخر مخصص للشرب؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد روى أحمد في المسند، وابن حبان في صحيحه، والنسائي، وابن ماجه عن سعد بن عبادة قال: قلت: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: سقي الماء. ورواه الحاكم، وأبو داود بلفظ: أي الصدقة أعجب إليك؟ قال: سقي الماء.
وسقي الماء ليس خاصا بالشرب، بل يدخل فيه سقي الزرع، والأشجار، والدواب، واستعماله في الطهارة، فهو أعم من شرب الماء فقط، كما قال شراح الحديث، قال محمود خطاب السبكي في المنهل العذب: والتصدق به أعم من أن يكون لشرب الآدمي، أو لسقي الدواب والزرع، أو للطهارة، أو غير ذلك من المنافع. اهــ.
فالصدقة في تلك البئر التي ستستعمل في سقي البساتين، تعد من جملة الصدقة بالماء، وداخلة في الصدقة الجارية.
ولا يلزمك شرعا أن تتصدق في حفرها لمجرد الوعد الذي وعدته؛ لأن هذا وعد، ولا يلزم الوفاء بالوعد في قول أكثر الفقهاء، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: ولا يلزم الوفاء بالوعد، نص عليه، وقاله أكثر العلماء. اهـ.
ولك أن تتصدق بالمال في بئر خاصة للشرب.
واحرص على إمضاء الصدقة التي نويتها؛ سواء في البئر المذكور، أم في غيره من الصدقات الجارية، ولا تتراجع عنها.
والله أعلم.