لا يسقط حق الوالد ولو أساء

0 31

السؤال

ابتليت بأب ظالم، لم يرحمني صغيرا، واستمر في ظلمه لي وأنا كبير. أبلغ حاليا من العمر 54 سنة، ولدي أبناء، وقد صبرت سنوات وعقودا بدون طائل.
هذا الأب يعامل أخي الذي يصغرني بعشر سنوات معاملة تفضيلية، وصلت إلى حد أن أوصى له بالأملاك دوني، ودون أخواتي، ودون أخ آخر هو في أمس الحاجة إليها.
والمؤسف أن هذا الأخ المفضل إنسان تارك للصلاة، ويتناول المخدرات، وحالته المادية ميسورة. وأنا -والله- ما يحز في نفسي هو هذه المفاضلة، ولست محتاجا، فأنا موظف، وأعيش الكفاف والعفاف، وأعرف أن هذه المفاضلة هي عقوق لبقية الأبناء، وأتأسف لحال أخي الثاني الذي تجاوز الأربعين، وما زال بدون زواج، ولا يملك شيئا.
انصحوني، كيف أتصرف؟ ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فوصيتنا لك أن تبر أباك، وتحسن إليه؛ فإن حق الوالد على ولده عظيم، ولا يسقط حقه بظلمه، أو إساءته؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا {لقمان:15}.

وعقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما. اهـ، وأورد تحته أثرا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يصبح إليهما محتسبا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.

ومن البر والإحسان إلى أبيك أن تنصح له، وتنهاه عن الظلم، وتبين له أن الوصية لوارث لا تجوز، وتأمره بالعدل بين أولاده، لكن برفق وأدب من غير إغلاظ ولا إساءة، فإن أمر الوالدين بالمعروف، ونهيهما عن المنكر؛ ليس كأمر ونهي غيرهما.

قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-: قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف، وينهاهما عن المنكر. وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف، ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. انتهى من الآداب الشرعية. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة