السؤال
أنا امرأة مطلقة. كنت متزوجة منذ سنة، وخلال آخر مدة في زواجنا التي لم تدم سنة، ابتليت بعلاقة حب مع زميل لي في العمل، وكنا نتحادث بالرسائل، ونتبادل الصور، وبعض الأحيان كنت أوصله بسيارة زوجي -التي ائتمنني عليها- إلى بيته دون علم زوجي، وفي يوم من الأيام علم زوجي بهذه العلاقة، وقام بمراقبتي دون إخباري. لم أقم بعمل الزنا مع زميلي، ولكن أقصى شيء حدث هو مسك الأيادي والأحضان.
عندما أثبت زوجي بالأدلة علاقتي مع زميلي قام بإرسالي إلى أهلي، وأخبرهم بما حدث مني، وأطلعهم على الأدلة التي معه.
قمنا بالاتفاق على الطلاق مقابل تنازلي عن حقوقي؛ كالمقدم، والمؤخر، والنفقة، وعدم رفع قضية بالمحكمة.
أنا نادمة على ما بدر مني، وتبت إلى الله.
أريد أن أسأل ماذا يجب علي فعله؛ لكي أتوب إلى الله؟ وما هي عقوبتي الشرعية؟ وماذا علي أن أفعل تجاه طليقي؛ لكي أبرئ ذمتي منه، وكي لا أظلمه؟
ماذا تنصحون طليقي أيضا؟ وهل تنصحونه بإرجاعي إليه؟ وهل هناك أمل بأن نعود إلى بعض مثل السابق، ونكون أسرة؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت بتوبتك مما أقدمت عليه من هذه العلاقة مع زميلك في العمل، ولا شك في أن ما قمت به فيه معصية لربك، وجناية على زوجك، فالله سبحانه قد حرم العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية، واتخاذ الأخلاء، والذي كان من عادة أهل الجاهلية، فأبطل الإسلام ذلك، ومنع منه، فقال سبحانه: محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان {النساء:25}، وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى 30003.
ومن حق الزوج على زوجته أن تحفظه حال غيبته عنها، قال تعالى: فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله{النساء:34}.
نقل أهل التفسير عن السدي، وغيره، أنه قال في معنى: حافظات للغيب {النساء:34}: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها، وماله. اهـ
وقال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه: [حافظات للغيب] صائنات لنفوسهن في غيبة أزواجهن، كما يصنها في حضرتهم. [بما حفظ الله] كما أمر الله تعالى، ومقابلة لوصية الله تعالى بهن، وأمره الرجال بحفظهن، والإحسان لهن. اهـ.
والتوبة قد سبق لنا بيان شروطها في الفتوى: 29785، فإذا حققت هذه التوبة بشروطها التي بيناها، فقد أديت ما عليك، وليس هنالك عقوبة شرعية تستحقينها.
ولكن ليكن فيما حدث درس لك في مستقبل حياتك، فيجب عليك الحذر من أسباب الفتنة، وأما ما تفعلينه تجاه طليقك، فيكفي الدعاء، والاستغفار له، وذكره بخير. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 127747.
والذي ننصح به طليقك أنه إذا علم صدقك في توبتك أن يجتهد في تناسي ما مضى، وأن يجمع شملكم مرة أخرى ما أمكنه ذلك، وليس هنالك ما يمنع أن يكون هنالك أمل في رجوعك إليه، وينبغي للمؤمنة أن تؤمل في ربها خيرا، فذلك من الفأل، وحسن الظن بالله، وهو سبحانه عند ظن عبده به.
ولو لم يقدر لكما الاجتماع مرة أخرى، فسلي ربك أن يرزقك زوجا صالحا، واستعيني بالثقات من أقاربك وصديقاتك في البحث عن الزوج الصالح، فهذا البحث مما لا حرج فيه شرعا، كما بيناه في الفتوى: 18430.
وننبه في الختام إلى أمرين:
الأول: أن الطلاق في مقابل عوض طلاق بائن، فلا تصح الرجعة بعده إلا بعقد جديد.
الثاني: أن الشرع قد حث على الستر، وعدم التشهير بالعاصي، أو فضحه، ما لم تقتض ذلك مصلحة راجحة، وانظري الفتوى: 176797.
والله أعلم.