السؤال
ارتكبت فاحشة الزنى 4 مرات، مع عدة فتيات، وتبت إلى الله، فهل يقبل الله توبتي؟ وأنا خائف أن أكون قد أصبت بمرض الإيدز، وأراقب نفسي.
ووالله إني لا أعلم كيف بلغت بي الجرأة إلى ارتكاب كبيرة مثل هذه، وأنا تائب، وأريد أن أصلح ما فعلت، وأنا مهموم جدا، وأفكر جدا، ولا أعرف ماذا علي أن أفعل؟ علما أني عاهدت الله في المرة الثانية ألا أعود، لكني عدت، فهل ينتقل المرض لي؟ وهل يقبل الله توبتي، وأعود كما كنت؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا تبت إلى الله تعالى من الزنى؛ خوفا من الله ومن وعيده، توبة صادقة، مستجمعة لشروطها من الإقلاع، والندم، والعزم على عدم العودة؛ فإن الله تعالى يقبل توبتك، ويغفر ذنبك، قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}.
وقد نزلت تلك الآية الكريمة في أناس أكثروا من الزنى، والقتل، فنهاهم الله فيها عن القنوط من رحمته، وأخبرهم أنه يغفر الذنوب جميعا، إذا تاب إليه العبد، ففي الصحيحين من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا، وزنوا وأكثروا، فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزل: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا يزنون} [الفرقان:68]، ونزلت: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم، لا تقنطوا من رحمة الله} [الزمر:53]. اهــ.
فاجتهد -أيها السائل- في تحقيق التوبة من الزنى، وابتعد عن كل ما يكون سببا في الوقوع فيه ثانية؛ لوجه الله، وامتثالا لأمره، واستر على نفسك، ولا تخبر أحدا بذنبك؛ فإن الله تعالى ستير يحب الستر، وفي الحديث: اجتنبوا هذه القاذورات، التي نهى الله تعالى عنها, فمن ألم بها، فليستتر بستر الله تعالى, وليتب إلى الله تعالى, فإنه من يبد لنا صفحته، نقم عليه كتاب الله عز وجل. رواه الحاكم.
ولتبحث عن بيئة صالحة تعينك على التوبة والإنابة إلى الله تعالى، ففي صحيح مسلم أن رجلا قتل مائة نفس، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك؛ فإنها أرض سوء...
قال النووي في شرح صحيح مسلم: في هذا استحباب مفارقة التائب المواضع التي أصاب بها الذنوب، والأخدان المساعدين له على ذلك، ومقاطعتهم، ما داموا على حالهم. وأن يستبدل بهم صحبة أهل الخير والصلاح، والعلماء، والمتعبدين الورعين، ومن يقتدي بهم، وينتفع بصحبتهم، وتتأكد بذلك توبته. اهـ.
وبالنسبة للعهد الذي عاهدت الله به؛ فإن العهد على عدم فعل الشيء، يعد يمينا، جاء في الشرح الكبير على المقنع: إذا قال: علي عهد الله وميثاقه لأفعلن، أو قال: وعهد الله ميثاقه لا أفعلن، فهو يمين. اهـ.
وما دمت قد حنثت في العهد، ووقعت في الذنب، فيلزمك مع التوبة منه أن تكفر كفارة يمين، وانظرها في الفتوى: 430627.
وأما قولك: هل ينتقل المرض لي؟ فيوجه إلى أهل الاختصاص، لا إلى المفتي.
والله أعلم.