السعي في الإصلاح بين الوالدين من عظيم البرّ

0 15

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 16 عاما، وأوضاعي جيدة، وهذه أشياء خاصة، ولا يجب أن أتحدث بها، ولكنني تعبت حقا من مشكلتي، فأمي وأبي منذ الصغر يتشاجرون دائما، واعتدت على هذا الشيء، ولكن شجارهم كان قصيرا جدا، وكانوا يتصالحون بسرعة، وزاد شجارهم هذه السنة، فأصبح كل دقيقة، بل كل ثانية، وأبي طيب القلب مع الآخرين، وجميع عائلتنا تحبه، ولكنه يشتم أمي دائما، ويهينها بأسوأ الألفاظ، ولا يستمع لأية شكوى، ويحب أن يكون رأيه هو السائد.
ورؤيتهم يتشاجرون أثر في تأثيرا نفسيا، ولا أستطيع التركيز في حياتي، ولا مذاكرتي، وأخاف ليلا ونهارا أن تحصل مشكلة جديدة أخرى، وضقت ذرعا من رؤية أمي تبكي دائما بسبب أبي، والبيت فارغ بلا أصوات، لا أحد يتكلم مع الآخر.
أتمنى أحيانا أن تنشق الأرض وتبلعني من شدة الضغط الدراسي، وضغط البيت، وأنا مقبل على اختبار سيحدد مستقبلي الجامعي، ولكنني لا أستطيع التركيز في شيء؛ بسبب المشاكل المتكررة.
أفكر في ترك البيت، ولكننا مغتربون في دولة أخرى، ولا أدري ما سيحدث، وأخاف من صباح كل يوم، ولا أعرف هل أكلم أبي أم أكلم أمي؟ ولا أعرف كيف سأبرهم، وأدعو لهم ليلا ونهارا، ولكن شجارهم لا يكف، وقد سمعت أن شخصا يدعو على أبي ليلا ونهارا بسبب مشكلة حدثت بينهم، ولا أعلم هل هذا سبب هذه المشاكل، فكيف أدعو لهم ليقتربوا من بعض من جديد؟ وكيف أبعد عنهم دعوات ذلك الشخص؟ وماذا أفعل؟ فلم أعد مهتما بحياتي كثيرا، ولا دراستي. وشكرا لكم على جهودكم، وأرجو منكم الدعاء لنا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن كان الحال في بيتكم على ما ذكرت من الخصام بين والديك؛ فلا شك في أن هذا نوع من البلاء، ومن خير ما يتسلى به المؤمن عند البلاء الصبر، فاصبر؛ فعاقبة الصبر خير في الدنيا والآخرة، كما سبق بيانه في الفتوى: 18103.

وعليك أيضا بالذكر؛ فهو من أفضل ما تستعين به في طمأنينة نفسك، وهدوء بالك، وقد قال الله تعالى: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب {الرعد:28}.

 وقد أحسنت بدعائك لهما ليلا ونهارا؛ فاستمر على ذلك؛ فالدعاء من أفضل ما يحقق به المسلم مبتغاه، والله عز وجل قد أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، فقال: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}.

ولا نعلم دعاء معينا خاصا يدعى به في مثل هذه الحالة، ولكن عليك بعموم الأدعية المتضمنة لتيسير الأمور، وتفريج الكروب، وطلب العافية، وإزالة الهم والغم، ونحو ذلك. ويمكنك الاستفادة من بعض فتاوانا، كالفتوى: 49676، والفتوى: 221788، ففيهما بعض هذه الأدعية. 

واجتهد في سبيل الإصلاح بينهما، والاستعانة بالعقلاء والفضلاء من الأهل، إن احتجت لذلك؛ عسى الله أن يجعلهم سببا للإصلاح، وليقوموا بنصح أبيك، إن كان ظالما لأمك.

  ويمكنك بر والديك بما يتيسر لك من وجوه الإحسان إليهما.

وإن من أعظم ما تبرهما به هذا الإصلاح الذي أرشدناك للسعي فيه، والدعاء لهما بخير. 

ولا يلزم أن تكون المشكلة التي حدثت بين أبيك وبين الرجل الذي ذكرته هي سبب كثرة هذه المشاكل، وقد لا يكون أبوك ظالما له حتى يستجاب له.

وعلى كل؛ فأكثر من الدعاء لأبيك بالعافية من كل بلاء.

وإن غلب على ظنكم أن يكون هنالك أمر غير عادي أدى إلى كثرة المشاكل -من سحر، أو عين، ونحوهما-؛ فانصحوهما بالرقية الشرعية، بأن يرقي كل واحد منهما نفسه، ولا بأس بأن يرقيه غيره من أهل الاستقامة، والصلاح. وراجع في الرقية الفتوى: 4310.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة