المفاضلة بين أنواع الصدقة

0 29

السؤال

أنا رجل أمتلك الكثير من المال -ولله الحمد-، وأريد أن أتصدق، والوضع في بلاد المسلمين صعب للغاية، وكثير من المسلمين لا يجدون ما يأكلون، وقد رأيت أن أفضل باب للصدقة إطعام الفقراء والمساكين، فهل ما فكرت فيه صحيح، أم إن هنالك أبوابا أخرى للصدقة أعظم أجرا مما رأيت؟ مع ذكر بعض الأبواب الأخرى إن وجدت. وهل الأفضل إطعام الفقراء في بلدي أم إطعام المسلمين في الدول النائية؟ مع العلم أن المسلمين في الدول النائية أشد حاجة لهذا الطعام، وهذه الصدقة. نفع الله بكم الأمة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن إطعام الطعام من العبادات الجليلة، والقربات الفاضلة، ومن أعظم أبواب الصدقة، جاء في رسالة لابن رجب سماها: اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى: إطعام الطعام قد جعله الله في كتابه من الأسباب الموجبة للجنة ونعيمها، قال الله عز وجل: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) إلى قوله: (وسقاهم ربهم شرابا طهورا)، فوصف فاكهتهم وشرابهم جزاء لإطعامهم الطعام، وفي الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي قال: "أيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع، أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمنا على ظمأ، سقاه الله من الرحيق المختوم".

وفي المسند، والترمذي عن علي عن النبي قال: "إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها". قالوا: لمن هي -يا رسول الله-؟ قال: "لمن أطعم الطعام، وأطاب الكلام، وصلى بالليل والناس نيام". وفي حديث عبد الله بن سلام الذي خرجه أهل السنن أنه سمع النبي أول قدومه المدينة يقول: "أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام".

وفي حديث عبادة عن النبي أنه سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان بالله، وجهاد في سبيله، وحج مبرور، وأهون من ذلك: إطعام الطعام، ولين الكلام". خرجه الإمام أحمد.

وفي حديث هانئ بن يزيد أن رجلا قال: يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار؟ قال: "تطعم الطعام، وتفشي السلام".

وفي حديث حذيفة عن النبي قال: "من ختم له بإطعام مسكين، دخل الجنة"، وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو أن رجلا قال: يا رسول الله، أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام، وتقرئ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف".

وفي حديث صهيب عن النبي قال: "خيركم من أطعم الطعام".

فإطعام الطعام يوجب دخول الجنة، ويباعد من النار، وينجي منها، كما قال تعالى: (فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة).

وفي هذا الحديث الصحيح عن النبي: "اتقوا النار، ولو بشق تمرة".

وكان أبو موسى الأشعري يقول لولده: "اذكروا صاحب الرغيف". ثم ذكر أن رجلا من بني إسرائيل عبد الله سبعين سنة، ثم إن الشيطان حسن في عينيه امرأة، فأقام معها سبعة أيام، ثم خرج هاربا، فأقام مع مساكين، فتصدق عليه برغيف، كان بعض أولئك المساكين يريده، فآثره به، ثم مات، فوزن عبادته بالسبعة الأيام التي مع المرأة، فرجحت الأيام السبعة بعبادته، ثم وزن الرغيف بالسبعة الأيام، فرجح بها. اهـ.

لكن المفاضلة بين أنواع الصدقة إنما هو بحسب نفعها، وشدة الحاجة إليها، وليس هناك نوع الصدقة - كإطعام الطعام أو غيره- هو أفضل مطلقا، كما سبق بيانه بالتفصيل في الفتاوى: 75866، 51031، 196875، 257959، 134941.

وبناء على هذا التأصيل؛ فإن إطعام الطعام في البلدان الفقيرة الأشد حاجة أفضل من الإطعام في غيرها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة