السؤال
سؤالي هو: هل بر الوالدين مطلق؟ فعلى سبيل المثال: أمي وأبي على خلاف دائم، مما تسبب بأذى نفسي لي ولإخوتي منذ صغرنا. وانتهى الحال بالطلاق، وتزوج أبي من ثانية، فأصبحت أمي تسبب لنا الأذى الكبير، وتفتعل المشاكل من غير سبب. وهذا أدى إلى رحيل أختي، وتأجيرها شقة ثانية، وهجر إخوتي لها، وأصبح ما يربطهم مكالمة هاتفية، وليس كلنا. وحتى عندما حاولنا إصلاح الأمور، وأتى إخوتي طردتهم، وأنكرت أنها فعلت ذلك، على الرغم من أنه كان أمامي. وأصبحت تصرفاتها كلها من هذا القبيل، وإخوتها يتدخلون للإصلاح، ولكن دائما ما يقفون في صفها، دون العلم بما حدث.
فأنا أسأل عن موقف إخوتي، وعن كونهم تجنبوها؛ لكي لا تحدث المشاكل. هل هو صحيح؟ أم هم في حكم عدم البر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن منزلة الوالدين عظيمة، وقد قرن الله حقه بحقهما، فقال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا {الإسراء:23}، وأوصى بالأم خاصة، وجعل لها المزيد من البر، قال سبحانه: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن {لقمان:14}، فمهما أمكن الولد بر والديه، وكسب رضاهما، فليفعل، ففي رضاهما رضا الله سبحانه.
وقد بين الفقهاء حدود طاعة الوالدين، وأنها لا تجب بإطلاق، وقد نقلنا كلامهم بهذا الخصوص في الفتوى: 76303.
ولا حرج على إخوتك في الانفراد عن والدتهم في السكن، إن لم يكن في انفرادهم عنها مضرة عليها، وبشرط أن يصلوها بما هو ممكن من الزيارة، والاتصال، وتفقد الحال، ونحو ذلك. وانظري الفتوى 165457.
وليس في مجرد انفرادهم عنها عقوق -إن كانت تؤذيهم وتسيء إليهم- فليصبروا، وليسلطوا عليها من يبذل لها النصح من فضلاء الناس المقربين منهم، وغير المقربين. هذا بالإضافة للدعاء لها أن يصلح الله حالها.
والله أعلم.