قطع الرحم بسبب فسخ الخِطبة وردّ المال المغتصَب على أنه هدية وعدم الإخبار بالحقيقة

0 15

السؤال

قطعت صلة الرحم بين أبي وعمتي، ولا أعلم كيف أساعد على وصلها مجددا، فمنذ سنتين في وقت الميراث وجدت عمتي مع عمتي الأخرى مبلغا ماليا، وتقاسمتاه بالنصف، وفي لحظتها أدركوا حرمة ما فعلوا، وكل واحدة أعطت أحد إخوتها نصيبه، وعمتي الأخرى أعطت عمي نصيبه، وعندما أعطت وعمتي (ر. س) أبي نصيبه من المبلغ، لم توضح أنه مال أمهم المتوفاة، وعثر عليه مصادفة، بل قالت: خذ المبلغ مقابل كرم ضيافتك لي.
بعد سنة ارتبطت أنا وابن عمتي (ر. س)، وفسخت الخطبة، ولم يكن هناك أي احترام لنا عندما فسخت الخطبة، وكنت أنا وأبي في ضيق مما حدث، ولا نعلم لماذا فسخت الخطبة بعد ارتباط دام عاما ونصف، ومما زاد الطين بلة أن أبي أعلم بقصة المبلغ من قبل ابنة خاله التي كانت على علم بموضوع المبلغ، وقرر أبي عدم الحديث مع أخته مجددا، فهل هناك شيء أفعله للإصلاح، ووصل الرحم بينهما؟ مع العلم أن عمتي تسببت لي في الكثير من الأذى هي وابنها، ولن أتواصل معهم بنفسي، وأعلم أن قطع الأرحام من الكبائر، وأخاف على أبي أن يكون مرتكبا ذنبا، ولكنه يرفض التحدث بسبب أذيتها.
وأدعو كثيرا لعمتي أن ينير الله بصيرتها، ولكنها لن تعتذر، وأبي لن يتحدث معها بنفسه، ونحن نعيش في بلد، وعمتي (ر. س) تعيش في بلد أخرى، وعمتي (ر. س) على خلاف مع أختها؛ لاتهامها بالسحر، ومع أخيها الآخر؛ لاتهامها له بأن زوجته تتحكم فيه، وأن بناته سارقات، وعلى خلاف مع أبي -كما أوضحت-، ولا يوجد أحد من الإخوة والأخوات لحل الخلافات، فهل يمكن أن تفيدوني ماذا يمكن أن أفعل للمساعدة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالذي يظهر لنا من سؤالك أن الأمر أهون من أن تترتب عليه قطيعة الرحم؛ فالعمة قد ردت المال الذي أخذته بغير حق، وقد برئت ذمتها بالرد -ولو على سبيل الهدية- عند بعض أهل العلم، قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: قال المصنف، والشارح: لو وهب المغصوب لمالكه، أو أهداه إليه؛ برئ. على الصحيح؛ لأنه سلمه إليه تسليما تاما. انتهى.

وفسخ الخطبة ليس من الظلم، أو الإساءة بالضرورة؛ فقد يترك أحد الخاطبين الآخر لعدم ملائمته له في بعض الجوانب، أو لأسباب أخرى، لا لعيب فيه، أو نقص في خلقه.

فالواجب عليك صلة أرحامك، ولا يجوز لك قطع عمتك، ولا يجوز لأبيك قطعها للسبب المذكور.

واعلمي أن صلة الرحم ليس لها قدر معين، أو وسيلة محددة، ولكنها تحصل بكل ما يعد في العرف صلة، جاء في إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين: وصلة الرحم -أي: القرابة- مأمور بها أيضا، وهي فعلك مع قريبك ما تعد به واصلا، وتكون بالمال، وقضاء الحوائج، والزيارة، والمكاتبة، والمراسلة بالسلام، ونحو ذلك. انتهى.

فجاهدي نفسك، وأخلصي النية لله تعالى، وصلي عمتك، وسائر أرحامك بالمعروف.

وكلمي أباك، وبيني له ما ذكرناه لك من وجوب الصلة، وتحريم القطيعة.

واجتهدي في الإصلاح بينهم؛ فإن في الإصلاح أجرا عظيما، وفضلا كبيرا؛ فقد روى أبو داود، والترمذي عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟ قالوا: بلى -يا رسول الله-. قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البيت؛ الحالقة

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة