القليل الطيب الحلال خير من الخبيث الكثير الحرام

0 16

السؤال

أملك محلا لممارسة القمار الرياضي الإلكتروني منذ 6 سنوات. وقد حصلت على عمل في الوظيفة العمومية منذ عامين، لكن رغم ذلك ما زلت آكل المال الحرام.
قررت أن أتوب من هذا شرط أن أسافر لأعمل في أوروبا، وأحصل على عمل وأجر مادي جيد حتى لا أحتاج للمال الحرام هناك، وأتوب عن أخذ المال الحرام؛ لأنني لو بقيت في بلدي سوف أحتاج إلى المال الحرام.
فهل يجوز السفر في هذه الحالة؟
أرجو المساعدة منكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالواجب عليك أن تقلع فورا عن ممارسة أي عمل محرم؛ إذ من شروط التوبة الصحيحة الكف عن المعصية، والندم عليها، والعزيمة ألا يعود إليها المرء، مع الاستغفار منها.

وقولك: " قررت أن أتوب من هذا شرط أن أسافر لأعمل في أوروبا" فيه سوء أدب مع الله، وظلم لنفسك وتغرير بها.

فاحذر أن يدركك الموت وأنت مصر على المعصية، واعلم أن من ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه؛ فقد قال سبحانه: ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق:3].

فتب إلى الله فورا سواء سافرت أم لم تسافر، وابحث عن الكسب الحلال بطرقه المشروعة، وهي كثيرة لمن تحراها وابتغاها.

وقد ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن روح القدس نفث في روعي، أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوفي رزقها. رواه أبو نعيم وصححه الألباني في الجامع.
واعلم أن ما اكتسبته من ذلك العمل المحرم يجب عليك التخلص منه بدفعه للفقراء والمساكين، وليس لك أن تأخذ منه لنفسك إلا إذا كنت فقيرا محتاجا، فلك أن تأخذ منه حينئذ بقدر حاجتك.

قال الإمام النووي -رحمه الله- نقلا عن الغزالي، في معرض كلامه عن المال الحرام والتوبة منه، ما نصه: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته؛ لأنه أيضا فقير. انتهى.
وقولك إن البقاء في بلدك يعرضك للحاجة إلى المال الحرام، قد يكون من حيل الشيطان وخداعه، فربما تكون وسائل الحرام أيسر وأكثر لو سافرت هناك. فلا ننصحك بالسفر، بل ينبغي أن تبقى ببلدك، وتبحث عن كسب حلال طيب، وستجده بإذن الله.

وقد ذكرت أنك وجدت عملا بالوظيفة العمومية، وربما يكون راتبه قليلا، لكن قليل طيب حلال، خير من كثير خبيث حرام، قال تعالى: قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون {المائدة:100}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات