السؤال
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وجزاكم الله عنا خيرا... وبعد:
لا أخفيكم سرا أن حال المجتمع الذي نعيش فيه بات لا يبشر بخير، فهو من سيء إلى أسوأ وكل يوم أرى ما يجد من هذا السوء الذي هو على علم من أهله، وغفلة عن سوء العاقبة سواء وجدنا ذلك في سلوك المجتمع أو طغيان وفساد الأجهزة المسؤولة أو من سيرة الأمة والنهش من أعدائها والذي استعرت وطأته، وما أظنها إلا البداية، السؤال: هل هذا مرتبط بقول الحق تبارك وتعالى "عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذ اهتديتم"، وما الواجب على المسلم نحو أهله ومجتمعه وبلده وأمته؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته من تدهور أحوال المسلمين وبعدهم عن دينهم وتسلط أعدائهم عليهم صحيح، ولكن واجب المسلم هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسعي للتغيير والإصلاح، لا اعتزال الناس وترك المنكرات تفشو وتزيد، وقد أشار إلى هذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون، فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أو شك أن يعمهم الله بعقاب منه. رواه أبو داود والترمذي واللفظ له ووصححه.
وعليه فالواجب على المسلم نحو أهله ومجتمعه هو الإصلاح، كما قال الله تعالى: والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين [الأعراف:170]، فالمطلوب من المسلم أن يكون مصلحا لا صالحا فقط، وفي قصة أصحاب السبت عبرة للمعتبرين، فقد قال الله جل وعلا: واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون* وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون* فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون [الأعراف]، ففي هذه الآيات أثنى الله جل وعلا على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ونص على نجاتهم، وسكت عن المتخلين عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقيل أهلكهم مع المعتدين، وقيل نجاهم ولكنه أغفله احتقارا لهم وكفاهم ذلك تقريعا وتوبيخا، ولا يزال المسلم اليوم ولله الحمد يجد له على الخير أعوانا، فليسع كل واحد منا إلى إصلاح نفسه وأهله، وليذكر الآخرين بدينهم بقدر وسعه، وسيجعل الله من ذلك خيرا بإذنه تعالى.
والله أعلم.