السؤال
سألت عن شيء ما في إحدى مجموعات الفيسبوك؛ فردت علي سيدة في رسالة خاصة، فتناقشت معها بخصوص موضوع السؤال يوما بعد يوم، وفي إحدى رسائلها ردت علي برسالة صوتية؛ ففتنت بصوتها، وكنت أنتهز أي فرصة لفتح المجال للكلام حتى أسمع صوتها، وظللت هكذا، حتى فتح كلام خارج الموضوع، وبدأت تظهر علي علامات الإعجاب بها؛ حتى تلفظت لها بعبارات المدح، والغزل، فما كان منها إلا أن نصحتني ألا ننجرف في هذا الطريق، ومع مرور الوقت كنت أجاهد نفسي أن لا أراسلها؛ فأجد أنها أرسلت لي رسالة في الموضوع الأساسي الذي كنت أسأل عنه في المجموعة؛ فأميل إلى أن أسمع صوتها، وأسمعها كلام الغزل، إلى أن وصلنا إلى أنني أحدثها يوميا في أي موضوع، أو أطمأن على أحوالها؛ حتى حكت لي عن مشكلة بينها وبين زوجها، فكنت أرد عليها لأساعدها؛ كي يصلح حالها مع زوجها؛ لأنني لا أريد لها ولا لي خراب البيت، وفي نفس الوقت تعلقت بها؛ لأنني أرى فيها ما لا أراه في بيتي، ومع الوقت والكلام معها شعرت أن المشكلة في زوجها، وأنه لا يهتم بها الاهتمام الكافي، وزوجتي لا تمل من الصراخ، والإهانة اللفظية، والنقاش رأسا برأس، أعلم أن كلامي مع سيدة أجنبية عني خطأ، وأريد أن أزجر نفسي، وأخوفها حتى لا أقبض على هذا الذنب؛ فقد فقدت الأصدقاء والأقربين بموت الفجأة، ولكن شهوتي تغلبني للحديث مع هذه السيدة، وخاصة في ظل ظروف عملي الصعبة، التي تسبب لي ضغطا نفسيا، وجسديا، وكذلك في ظل ظروف علاقتي المتوترة بزوجتي، والتي حاولت كثيرا أن تصلح، ولكنها سرعان ما تأتي المشكلة وراء المشكلة؛ حتى شعرت بأنني لم أوفق في زواجي، فما عقاب الله لمن يتكلم مع امرأة متزوجة في أمور عامة، ويتغزل بها لتعلقه بها؟ وكيف أتخلص من هذا الابتلاء؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلا شرعيا يبين عقوبة معينة لمن يتكلم مع امرأة متزوجة، ويتغزل فيها لتعلقه بها، ولكن من سلك هذا المسلك؛ فقد فتح على نفسه بابا من الشر، وأعان الشيطان على نفسه؛ ليقوده إلى ما لا يرضي الله تعالى، والشيطان يستدرج العبد إلى الفاحشة استدراجا، بنقله من خطوة إلى خطوة؛ ولذلك حذر الله سبحانه من مكره، وكيده، حيث قال: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر{النور:21}.
وما ذكر من الضغوط النفسية، والمشاكل مع الزوجة، لا يبرر ـ بأي حال ـ الإقدام على هذه الأفعال القبيحة، والمنكرة.
واستشعارك لخطورة ما فعلت مع هذه المرأة من أعظم ما يعينك على حمل نفسك على التوبة، والرجوع إلى الله تعالى، هذا أولا.
ثانيا: صدق العزيمة في الرغبة في التوبة، والإنابة إلى الله، وعليك بالإقدام على التوبة حقيقة، وتحقيق شروطها، وسبق بيانها في الفتوى: 29785.
ثالثا: كثرة الدعاء، وسؤال الله عز وجل التقوى، والعفاف، روى مسلم عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم إني أسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى. فهذا دعاء يناسب هذا المقام، وكذلك حديث زيد ابن أرقم ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم آت نفسى تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها، ومولاها.
رابعا: الحرص على صحبة أهل الخير، وملء الفراغ بما ينفع في الدين، والدنيا؛ فوقتك أغلى من أن تضيعه فيما يجلب على نفسك سخط الرب تبارك وتعالى، فقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ.
والله أعلم.