السؤال
سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم أننا إذا اجتنبنا كبائر الذنوب، تغفر لنا الصغائر يوم القيامة، فإذا قمت بكبيرة، ثم تبت منها، فهل لا تغفر لي صغائري بسبب ارتكاب تلك الكبيرة؟ جزاكم الله خيرا.
سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم أننا إذا اجتنبنا كبائر الذنوب، تغفر لنا الصغائر يوم القيامة، فإذا قمت بكبيرة، ثم تبت منها، فهل لا تغفر لي صغائري بسبب ارتكاب تلك الكبيرة؟ جزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا فعلت كبيرة من الكبائر، وتبت منها؛ فإن الله يغفرها لك.
وإذا غفرها لك، لم يجعلها سببا في عدم تكفير الصغائر، والله أكرم الأكرمين، لا يؤاخذ بالذنب إذا غفره.
وإنما اختلف العلماء فيمن ارتكب كبيرة، ولم يتب منها، هل تكفر عنه الصغائر بالعبادات أم لا؟ على قولين، ذكرهما أهل التفسير في تفسير قول الله تعالى: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما {النساء:31}.
وفي بعض الأحاديث الواردة بتكفير العبادات للصغائر، إذا اجتنبت الكبائر، كحديث: ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله. رواه مسلم.
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: اختلف أهل السنة في تأويل هذا الشرط في قوله: إن اجتنبت الكبائر، فقال جمهورهم: هو شرط في معنى الوعد كله، أي: إن اجتنبت الكبائر كانت العبادات المذكورة كفارة للذنوب، فإن لم تجتنب، لم تكفر العبادات شيئا من الصغائر.
وقالت فرقة: معنى قوله: "إن اجتنبت": أي: هي التي لا تحطها العبادات، فإنما شرط ذلك ليصح بشرطه عموم قوله: ما بينهما، وإن لم تحطها العبادات، وحطت الصغائر. اهــ.
وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم عند الحديث الآنف ذكره: معناه: أن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر، فإنها لا تغفر. وليس المراد أن الذنوب تغفر ما لم تكن كبيرة، فإن كانت لا يغفر شيء من الصغائر. فإن هذا وإن كان محتملا، فسياق الأحاديث يأباه. اهــ.
والله أعلم.