السؤال
وقعت مشكلة بين أفراد عائلة أمي، وانتهت بأن تقطع والدتي وخالاتي التواصل مع أجدادي؛ حتى يقوم جدي بترحيل ابنه الذي يسكن معه؛ لأنه يزعج جدتي مرارا وتكرارا بمشاكله، وكانت جدتي تقف مع بناتها؛ لأنهن يدافعن عن حقها في الراحة، وحقها في عدم الاعتناء بعائلة أبنائها المتزوجين، فهي مريضة ومتعبة، ثم تركت جدتي الوقوف مع بناتها، ولم تتحدث معهن، ووالدتي وخالاتي الآن لا يتحدثن مع الأجداد إلا قليلا، وفي العيد لم يزرنا أحد من أجدادي أو إخوان أمي لمحاولة الإصلاح، وقد زارنا جدي مرة لخمس دقائق، ولم يبادر بالتحدث عن المشكلة أو الإصلاح -كأن شيئا لم يكن-، فماذا تفعل والدتي؟ فهي إن عادت للتحدث مع جدي -كما في السابق- فستظل جدتي تشتكي وتتألم، وإن لم يفعلن فأظن أن ذلك عقوق، وقطع للرحم؛ حتى يأتي الله بالفرج، وما حكم طلبهن ذهاب خالي لبيت آخر، وقد تنازلت جدتي عن ذلك الأمر؟ وما حكم استمرار جدتي في الطبخ والاعتناء بأحفادها كل يوم وأبناؤها متزوجون؟ وكيف أتعامل أنا مع أجدادي؛ لأني أحزن لحزن أمي، وكرهت تخلي جدتي عنها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فينبغي أولا العلم بأن الشرع قد حث على أن يكون المسلمون على ألفة ومودة، قال تعالى: إنما المؤمنون إخوة {الحجرات:10}، وثبت في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم.
ويتأكد مثل هذا في حق ذوي الرحم؛ لما بينهم من هذه العلاقة القوية، وهي الرحم التي أوجب الله عز وجل صلتها، وحرم قطيعتها.
فننصح بالسعي في الصلح؛ فالصلح خير، وهو من أفضل القربات، كما دل على ذلك نصوص الكتاب، والسنة، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 50300.
فعليك بالسعي في الصلح، والدعاء بأن يصلح الله الحال، والقيام بما يجب عليك من صلة أجدادك بالمعروف.
ثانيا: إن كان خالكم على ما ذكرت عنه من إيذاء أمه بكثرة مشاكله؛ فهذا نوع من العقوق، قال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: قال الشيخ تقي الدين السبكي: إن ضابط العقوق إيذاؤهما بأي نوع كان من أنواع الأذى، قل أو كثر، نهيا عنه أو لم ينهيا... اهـ.
والواجب أن ينصح، ويذكر بالله عز وجل، وبأن الواجب عليه أن يتوب إلى الله، وليكن النصح برفق، ولين، والأفضل أن ينصح من قبل من يرجى أن يسمع لقوله، فإن انتهى، فالحمد لله، وإلا فعلى جدكم أن يدفع عنها أذاه، ولو بإخراجه من البيت، إن كان جدكم هو المالك للبيت، وكان هذا الولد بالغا رشيدا؛ لأنه حينئذ لا حضانة له.
ثالثا: قد أحسنت أمك وخالاتك بالدفاع عن جدتك، والسعي في سبيل راحتها، والإشارة إلى جدك باتخاذ موقف من هذا الابن العاق.
وإن لم يفعل جدك، فليس لأمك أو أي من أخواتها قطع صلته، أو صلة أي من الأجداد؛ لأن في هذا عقوقا، وقطيعة للرحم، ويمكن الاستمرار في النصح، والسعي في الإصلاح.
وكون جدتك ستظل في المعاناة لا يسوغ لهن هذه القطيعة.
رابعا: إن جدتك ليست ملزمة -لا شرعا، ولا عادة- بخدمة أولادها وزوجاتهم وأولادهم.
وينبغي أن ينصح أولادها بأن يتقوا الله في أمهم، وأن يكونوا عونا لها، لا عبئا عليها، وإذا ارتضت جدتك الاستمرار في خدمتهم؛ فالأمر إليها.
خامسا: لا بأس بأن تشير أمك وخالاتك على جدك بإخراج خالك من البيت، أو القيام بغير ذلك من الأمور التي يندفع بها أذى هذا الولد لأمه، والأمر للجد في جانب إخراجه من عدمه.
وارتضاء الأم بقاءه لا يمنعهن من الإشارة على الجد بذلك، وقد يرى الجد والجدة أن المصلحة تقتضي بقاءه في البيت، وعدم إخراجه منه.
والله أعلم.