السؤال
أنا موظف حكومي، وبعد وظيفتي أقوم بالتدريس في مركز تحفيظ للقرآن، ثلاثة أيام في الأسبوع، وفي نفس الوقت أدرس ماجستير في الدعوة الإسلامية، وأعمل في محل للإلكترونيات في قريتي في أوقات الفراغ؛ لأقوم بسداد ما علي من التزامات.
دائما ما أواجه مشكلة مع والدي، حيث إنه يمتلك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، والمزروعة من شتى الأنواع، وهي بحاجة لعناية يومية على مدار السنة، وأشغال مستمرة لا تنتهي.
يعمل معه فيها أخي الأكبر، ودائما ما أواجه مشاكل معه؛ لعدم مقدرتي على العمل معه في الأراضي؛ لانشغالي بما ذكرت، وأحيانا يعيرني بأنني متعلم وأفقه في الدين، ولا أقوم بطاعته بالعمل معه في مزرعته.
ومؤخرا تصادمت مع أشقائي حول هذا الموضوع، لأنهم يطلبون مني أن أقوم معهم بهذه الأعمال، مع العلم أنه مهما بلغ من أرباح في تجارته في المحاصيل الزراعية فهي ملك له فقط، وليس لنا نصيب فيها.
فهل طاعته في أعماله واجبة علي، وآثم إذا لم أعمل معه؟
وهل علي ترك أعمالي ودراستي، والتزاماتي اتجاه عائلتي، لأتفرغ له، أم ماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحق الوالد على ولده عظيم، وطاعته في المعروف؛ واجبة. ومن حق الوالد على أولاده أن ينفقوا عليه إذا احتاج إلى النفقة، وأن يخدموه إذا احتاج إلى الخدمة.
أما إذا كان الوالد في كفاية من العيش؛ فلا يجب على أولاده الإنفاق عليه، أو الخدمة في مزرعته ما دام يقدر على استئجار من يقوم بالعمل في المزرعة، إلا أن يتبرعوا بذلك.
وعليه؛ فلا يجب عليك ترك أعمالك، ودراستك، ومصالح أسرتك، من أجل العمل في مزرعة والدك، وراجع الفتوى: 76303.
لكن عليك بر والدك، والإحسان إليه، فإن بر الوالد من أفضل القربات إلى الله.
ففي الأدب المفرد للبخاري: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.
فاحرص على السعي في استرضائه بما تقدر عليه، ولا يضرك. وما عجزت عنه، أو كان فيه ضرر عليك؛ فاعتذر له برفق وأدب.
والله أعلم.