إسكان الابن أمه في بيت منفصل لتجنب مشاكلها مع زوجته

0 15

السؤال

أبي وأمي مسنان، وأمي تعاني من اضطرابات نفسية وعقلية، تنعكس على تصرفاتها. وأبي لا يتحمل ذلك الأمر، بل بالعكس لا يقدر الأمر، ولا يعترف بالأمراض العقلية والنفسية؛ مما يجعله يضغط عليها أكثر، وتزداد الأمور حدة. وكثيرا ما يطردها من المنزل، فأضطر إلى أن أجلب والدتي لبيتي، ثم تحدث مشكلات بين أمي وزوجتي بسبب ضغط أمي على زوجتي، وبالتأكيد زوجتي لا ترى سوى تلك الضغوط، ولا ترى الاضطرابات النفسية والعقلية، فتقوم بالاتصال بي مع كل مشكلة، ولم أستطع التركيز في عملي بسبب كثرة المكالمات الهاتفية طول اليوم.
فهل توفير سكن صغير بالإيجار لأمي، مع متابعتها أمر جيد، أو يجب علي استقبالها في بيتي، وتحمل المشكلات بينها وبين زوجتي؟
وهل صدور بعض الانفلات تجاه أمي بسبب العصبية، يعتبر شكلا من أشكال العقوق؟ وإن كان من العقوق، فهل له كفارة؟
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلعل الأولى أن تجلس مع والدك، وتكلمه بشأن أمك، وأمر مرضها، أو تستعين بمن يمكن أن يكلمه من فضلاء الناس، والذين ترجو أن يسمع كلامهم، ويستجيب لهم؛ ليزول الإشكال من أصله. وينبغي الاجتهاد والسعي في سبيل علاجها.

 وإذا لم يتيسر إقناع الوالد بأن تكون معه في البيت، ولم ترتض زوجتك سكناها معكم في بيت الزوجية. فاستئجارك لها بيتا لسكناها فيه أمر طيب، على أن لا تترك على حال من الانفراد يمكن أن تتعرض فيها للخطر أو المهلكة، ما دامت تحتاج إلى من يرعاها. 

وليس عليك أن تسكنها معك في البيت، بل لو أردت إسكانها فيه، فيلزم استئذان زوجتك في ذلك؛ لأن من حقها أن تكون في مسكن مستقل، وأن تمتنع من إسكان أي من أهلك معها. وراجع الفتوى: 34802.

 وما أسميته بالانفلات، إن كان شيئا من الإساءة بقول أو فعل -وإن قلت- فإن ذلك عقوق، فقد حرم الله -عز وجل- مجرد التأفيف وإظهار الضجر، فغيره من رفع الصوت ونحوه أولى بالمنع. قال تعالى: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما {الإسراء:23}.

قال ابن عطية في تفسيره المحرر الوجيز عن كلمة:"أف" في هذه الآية: وجعل الله -تعالى- هذه اللفظة مثلا لجميع ما يمكن أن يقابل به الآباء مما يكرهون، فلم ترد هذه اللفظة في نفسها، وإنما هي مثال الأعظم منها والأقل. فهذا هو مفهوم الخطاب المسكوت عنه، حكمه حكم المذكور. انتهى.

 والعقوق جرم عظيم، وكبيرة من كبائر الذنوب، وكفارته التوبة النصوح، وسبق بيان شروطها في الفتوى: 5450.

وعليك بالاجتهاد في بر أمك، والإحسان إليها. ولك عظيم الأجر والثواب. كما أنه سبب أيضا لبر أبنائك بك بإذن الله، ولخير كثير في الدنيا والٱخرة. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة