السؤال
نذرت أنني سأتصدق بمبلغ معين، ولم أحدد النوع، فذهبت إلى صندوق الزكاة، واخترت كفالة يتيم، وحفر بئر ماء، ولكنني وجدت في وصل استلام المبلغ أنهم ذكروا وقفية كافل يتيم، ووقف حفر بئر. فهل هذا الوقف يندرج تحت نذري بالصدقة؟ وأعتبر قد أوفيت بنذري -إن شاء الله-؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمرد الحكم إلى نية السائل حين نذر: هل أراد بالصدقة في نذره مطلق المعروف، أم أراد بها خصوص تمليك المال للمحتاجين؟ وذلك أن هذا هو معنى الصدقة في الاصطلاح، كما قال الرصاع في شرح حدود ابن عرفة: الصدقة تمليك ذي منفعة لوجه الله بغير عوض. اهـ.
وأما المعنى العام للصدقة؛ فكما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كل معروف صدقة. رواه البخاري، ومسلم.
ولذلك؛ فهي تطلق على الوقف نفسه، كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الصدقة أعم من الوقف؛ إذ قد تطلق على الوقف، كما في حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن عمر -رضي الله عنه- طلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدله على ما يفعله فيما أصابه من أرض، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها، وقد تطلق على غير الوقف، ففي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: كل معروف صدقة. اهـ.
وجاء في مدونة أحكام الوقف الفقهية التي أعدتها الأمانة العامة للأوقاف في الكويت: الصلة بين الوقف والصدقة أن الصدقة أعم من الوقف؛ فكل وقف صدقة، وليس كل صدقة وقفا. اهـ.
ودخول الوقف بالكلية في الصدقة إنما هو على المعنى العام للصدقة دون المعنى الخاص، وعلى ذلك؛ فإن قصد السائل بالصدقة مطلق المعروف، أجزأه عن نذره وضع هذا المبلغ في وقفية مشروع يوجه ريعه لكفالة اليتيم، أو وقف حفر بئر.
وأما إن أراد بالصدقة تمليك هذا المبلغ للمحتاجين: فلا يجزئه ذلك عن نذره؛ لعدم حصول التملك من المحتاجين.
قال ابن العراقي في طرح التثريب، في التفريق بين الصدقة والهدية: ذكر أصحابنا الشافعية في الفرق بينهما: أنه يعتبر في الهدية حملها إلى مكان المهداة له، إعظاما له وإكراما، وأنه يعتبر في الصدقة تمليك المحتاج تقربا إلى الله تعالى، وطلبا لثواب الآخرة، مع اشتراكهما في أن كلا منهما تمليك بلا عوض. اهـ.
والشاهد هو اعتبار تمليك المحتاج في الصدقة، وذلك على معناها الخاص.
والله أعلم.