كراهة الابن زوجة أبيه ليس مسوِّغًا لامتناعه من زيارته في بيتها

0 22

السؤال

سؤالي له علاقة بحكم رفض زيارة زوجة الأب. إذا أمرني أبي بزيارته في بيته مع زوجته الثانية التي أكرهها، ولا أريد رؤيتها، أو التعامل معها. فهل يجب علي أن أطيعه، حتى لو كانت نفسي لا تطيق ذلك؟ وهل علي إثم لو رفضت زيارتها؛ لأني لا أحبها، ولأنها ليست من الأرحام التي تجب صلتها؟
علما بأني لا أريد عقوق أبي، وإنما أنا مستعد لزيارته في أي مكان، إلا بيت زوجته الأخرى، لأني لا أحبها، وأكرهها كرها شديدا، وقد قال الله: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وأنا أكرهها، ولا أطيق رؤيتها، وكما أعلم من الشرع: فإنه لا يأثم من كره شخصا آخر طالما لم يؤذه، ولم يتجاوز حدود الله.
فهل علي إثم لو رفضت زيارة أبي في بيت زوجته الأخرى؟
أريد توضيح المسألة من حيث الإثم وعدمه، لا من حيث المستحب والأفضل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا أمرك والدك بزيارته في بيته؛ فالواجب عليك طاعته في ذلك، وكونك تكره زوجته التي تقيم معه في بيته؛ لا نراه مسوغا لامتناعك من زيارته، فالوالد هو المقصود بالزيارة، وليست زوجته، والبقاء بعض الوقت مع أبيك في وجود من تكره قد يكون فيه مشقة؛ لكنه ليس من الضرر الذي يسقط به وجوب بر الوالد.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب، وإلا فلا. انتهى من الفتاوى الكبرى.

ومن السائغ عرفا أن يتحمل الإنسان مثل هذه المشقة لمصلحة مرجوة، فمن أولى المصالح التي تحتمل في سبيلها المشقة بر الوالد؛ فهو سبب رضوان الله، ودخول الجنة، فعن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.

قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قال القاضي: أي خير الأبواب، وأعلاها، والمعنى: أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوسل به إلى وصول درجتها العالية مطاوعة الوالد، ومراعاة جانبه. انتهى.

وإذا كانت زوجة أبيك ليست من الأرحام الواجب صلتها؛ فصلتها مستحبة، لما فيها من بر الأب، وإذا أمر بزيارتها وجبت طاعته، ما لم يكن فيها ضرر.

وراجع الفتوى: 416164.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة