السؤال
أنا امرأة متزوجة، انتقلت إلى بلد أوروبي؛ من أجل زوجي، وأعيش في منزل للإيجار، مفروش على الرغم أن من عاداتنا أن نشتري الأثاث الجديد دائما.
وطلبت 50 جراما من المهر؛ لتسهيل الزواج. يرسل زوجي حوالي نصف راتبه لعائلته بسبب ديونهم، ويشتري لهم هدايا باهظة الثمن، على الرغم من ديونهم.
هناك ثلاث ثلاجات في منزلهم، وخادمة تأتي إلى منزلهم مرتين في الأسبوع، ويتم كي ملابسهم في المحل مقابل المال.
يقول زوجي: إن والدته تعتبر ابنها زوجها، ويقول: هذا ليس منافيا للشرع. والدته تضع مسؤوليات زوجها على عاتق زوجي. قالت والدة زوجي لزوجها: سأقوم بتعليم الأطفال؛ لأن تعليمك قاس، وهي لا تربي الأولاد، وأولادها يضرب بعضهم بعضا، وهي تحزن لذلك، زوجي يتكلم معهم، ويحل المشكلة.
بعد شهرين تقول: الآن لا يناقشون، لكن هم ليسوا مثل الإخوة، وأنا كزوجة لا أستطيع أن أتحمل بعد. هي تقول: إنني مكتئبة بسبب هذه الأشياء.
زوجي لا يستطيع أن يهتم بزوجته. زوجي يقول لي: عائلتي أهم منك، رسولنا -صلى الله عليه وسلم- لم يقل عنك شيئا، بل قال عنهم.
ويقول لي: أنا عبد، سأفعل ما يريدون، وانتظري أن تكوني أما، لتطلبي طلباتك من أطفالك. أنا لدي مرض، وأريد غسالة الأطباق، والمكنسة، لكن هو يقول لي: أنا مسؤول عن طعامك، وملابسك، ومسكنك فقط.
فهل سلوكه تجاهي، وأهله صحيح شرعا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته، وولده بالمعروف، وحد النفقة الواجبة هو ما تحصل به الكفاية من المأكل، والمسكن، والملبس اعتبارا بحال الزوجين -على القول الراجح عندنا-.
وانظري الفتوى: 419938
ويدخل في المسكن ما تحتاجه المرأة من الأدوات، والآلات المطلوبة؛ للطبخ، والغسل، ونحو ذلك حسب حال الزوجين. وراجعي الفتوى: 185913
وإذا كانت المرأة مريضة، أو عاجزة عن الخدمة؛ فواجب على زوجها إخدامها.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ...كما اتفقوا على أن الإخدام يجب على الزوج للزوجة المريضة، والمصابة بعاهة لا تستطيع معها خدمة نفسها، وإن كانت ممن لا يخدم مثلها؛ لأن مثل هذه لا تستغني عن الخدمة. انتهى.
وإذا قام الزوج بما عليه من النفقات الواجبة للزوجة، والأولاد؛ فله أن يتصرف في ماله كيف شاء، ويتبرع به لأهله، أو غيرهم، ولا حق للزوجة في الاعتراض عليه في ذلك، ومن حسن أخلاق الزوجة أن تعين زوجها على بر والديه، وصلة أرحامه.
أما إذا كان الزوج لا يقدر على الجمع بين الإنفاق على زوجته، وأولاده، وبين الإنفاق على والديه، وإخوته؛ فالإنفاق على الزوجة، والأولاد مقدم على الإنفاق على الوالدين فضلا عمن بعدهم من الأقارب.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ومن لم يفضل عن قوته إلا نفقة شخص، وله امرأة، فالنفقة لها دون الأقارب؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث جابر: إذا كان أحدكم فقيرا، فليبدأ بنفسه، فإن كان له فضل، فعلى عياله، فإن كان له فضل، فعلى قرابته. انتهى.
وقد أوصى الشرع بالزوجة، وحث على الإحسان إليها، وحذر من ظلمها، قال تعالى: وعاشروهن بالمعروف {النساء: 19}، وقال تعالى: لينفق ذو سعة من سعته {الطلاق: 7}، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: استوصوا بالنساء خيرا. متفق عليه.
وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم، والمرأة.
قال النووي -رحمه الله- في رياض الصالحين: ومعنى"أحرج": ألحق الحرج، وهو الإثم بمن ضيع حقهما، وأحذر من ذلك تحذيرا بليغا، وأزجر عنه زجرا أكيدا. انتهى.
فتفاهمي مع زوجك برفق، وحكمة، وبيني له ما ذكرناه، وأطلعيه على كلام أهل العلم بخصوص ما يجب على الزوج من النفقة، والمعاشرة بالمعروف، وما ينبغي عليه من الموازنة بين إعانة أهله، ومراعاة حق زوجته، وأولاده.
وراجعي الفتوى: 146121
والله أعلم.