كيفية بِرِّ الأب العصبي، وفيمَ تلزم طاعته

0 18

السؤال

أبي طيب القلب، والقالب، لكنه عصبي، متقلب، هوائي بشكل يثير الاشمئزاز، يحتقر رأيي في كل شيء تقريبا.
في طريقة ملابسي، في مستوى تعليمي الديني، في اختياري أصدقائي نادرا، إلخ.
تأهلت للجامعة حديثا، وكان هناك يوم للتعريف بالجامعة، وكان الحضور اختياريا، ولم أرد الحضور، ولكنه أراد مني الحضور، هو، وأمي، وأخي. ورأيت أنه أمر شخصي لا علاقة لأحد به، وطالما قلت: إنني لا أريد، وحدثت مشكلة بسبب أنني صرحت برأيي المخالف لرأيه، وها أنا لا زلت في المشكلة.
الأسئلة التي أريدها:
1- كيف أتعامل معه؟
2- هل يجب علي أن أرضيه دائما، أم أفعل فقط ما أطيق؟
3- هل يجب على أن أعتذر له كل مرة يغضب فيها؟ علما بأنني أكره الاعتذار، وهو أصلا عصبي، لا يقبله إلا بعد عناء لا أطيقه.
4- هل أكون عاقا إذا هو حكم بأنني عاق؟
5- هل البر أن أكون ذليلا عند الوالدين؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحق الوالد على ولده عظيم، ومعاملة الوالد تكون بالأدب، والتوقير، والتواضع، وإلانة الكلام، قال تعالى:  .. فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا. {الإسراء: 23،24}.

ومن حق الوالدين على الولد طاعتهما في المعروف، فإذا أمرا الولد بشيء ليس فيه معصية لله، ولا ضرر على الولد فيه، ولهما فيه نفع؛ فالواجب على الولد طاعتهما، ولو كان فيه مشقة عليه.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية ....

وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر، فإن شق عليه، ولم يضره وجب، وإلا فلا. انتهى من الفتاوى الكبرى.

وإذا أغضبت والدك بعصيانه، فيما تجب فيه الطاعة، أو برفع الصوت عليه؛ فواجب عليك التوبة إلى الله، والتحلل منه بالاعتذار، والاسترضاء. وراجع الفتوى: 441931

واعلم أن عقوق الوالدين من كبائر المحرمات، وحكم الوالد على ولده بالعقوق؛ لا يلزم أن يكون صحيحا، فقد  يكون الولد ممتنعا من طاعته في معصية، أو شيء فيه ضرر عليه، ولكن العقوق يحصل بمخالفة أمر الوالد في المعروف، أو إيذائه بغير حق.

وراجع ضابط العقوق المحرم، في الفتوى: 299953

وحرصك على إكرام أبيك، واجتهادك في استرضائه؛ ليس ضعفا، ولا ذلا، بل هو قوة في شخصيتك. وذلتك، وتواضعك له، ليس فيه مهانة لك، بل هو عزة، ورفعة، وشرف لنفسك، وقربة إلى ربك؛ فبر الوالدين، وطاعتهما في المعروف، والذلة، وخفض الجناح لهما؛ مأمور بها شرعا، قال تعالى: ..إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما {الإسراء: 23،}. 

قال القرطبي -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: وقل لهما قولا كريما: أي لينا لطيفا مثل: يا أبتاه، ويا أماه من غير أن يسميهما، ويكنيهما.

قال عطاء، وقال ابن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته، إلا قوله: وقل لهما قولا كريما، ما هذا القول الكريم؟

قال ابن المسيب: قول العبد المذنب، للسيد الفظ الغليظ. انتهى.

وقال: فينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في ..... ذلة في أقواله، وسكناته، ونظره. انتهى.

واعلم أن بر الوالدين من أعظم أسباب رضوان الله، ودخول الجنة.

ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة