لا تنبغي مقاطعة الوالد بسبب عدم عدله بين أولاده

0 15

السؤال

أنا بنت عمري 29 سنة، ووالدي يمتلك فيلتين ومتزوج بزوجتين، طلق أمي طلاق بينونة كبرى، وبعد طلاقها أخرجها وأسكنها في ملحق للفيلا التي يملكها وأنا معها، وتزوج زوجة ثانية وأسكنها في الفيلا.
تمر علي أربعة أشهر ولا أتواصل معه، ولا أسلم عليه، ولا أراه، علما أن والدي له اجتماع أسبوعي مع العائلة، ومع ذلك لا أحضر اجتماعه. فهل أكون عاقة لوالدي بعدم سلامي عليه وجلوسي معه؟ علما أن تبريري لفعلي بسبب عدم عدل الوالد في السكن بيني وبين أخواتي لأب، فهن يسكن في غرف بفيلته الثانية، وأنا أسكن في الملحق، ووالدي يدعو ويغضب علي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا تجوز لك مقاطعة أبيك، فهذا من العقوق له، وهو من أكبر الكبائر، وحق أبيك عليك عظيم، وعلى فرض أنه ظلمك ولم يعدل بينك وبين سائر أولاده؛ فهذا لا يسقط حقه عليك، ولا يبيح لك مقاطعته.

جاء في الأدب المفرد للبخاري -رحمه الله-: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يصبح إليهما محتسبا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى. وراجعي الفتوى: 401791.

وقد نهى الشرع عن الهجر بين المسلمين فوق ثلاثة أيام، ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.

فإن كان ذلك بين عموم المسلمين، فكيف بمن يهجر أحد الوالدين اللذين قرن الله حقهما بحقه سبحانه وتعالى، فقال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا [الإسراء: 23] وقال تعالى: أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير [لقمان: 14].

فبادري بالتوبة إلى الله تعالى، وصلي أباك، وأحسني إليه، واعلمي أن بر الوالدين من أعظم أسباب رضوان الله ودخول الجنة، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.

وعن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.

قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قال القاضي: أي خير الأبواب وأعلاها، والمعنى أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوسل به إلى وصول درجتها العالية؛ مطاوعة الوالد ومراعاة جانبه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة