كلما تكرر الذنب، فَكرِّر التوبة، حتى يكون الشيطان هو المحسور

0 23

السؤال

أنا فتاة عمري 21 سنة، في سن 15 سنة تعرفت على شاب، وتعلقت به، وفي سن17، وقعنا في الفاحشة، لم تكن علاقة كاملة، لا زلت بكرا.
وهذا لا يهمني أبدا؛ لأنني ندمت كثيرا على معصية الله، وقلبي يؤلمني.
في سن 18 من الله علي بالتوبة، وبحكم أني كنت في محيط غير متدين، لم أكن أعرف مدى خطورة ما أنا فيه. في محيطنا الحجاب ليس فرضا، وكنت بعيدة كثيرا من الله، لكن بفضله بدأت أعرف أنني على خطأ كبير، ويشهد الله أن قلبي يتقطع أسفا، وحسرة؛ لأنني عصيت الذي أكرمني. تركت الشاب، قطعت علاقتي به، كنت متعلقة به كثيرا، ولكن زرع الخوف في قلبي، وقطعت علاقتي به، وتبت إلى الله، وبدأت أصلح علاقتي بالله، قطعت علاقتي به مدة 3 سنوات، ولم يمر علي يوم إلا وبكيت فيه، وأحسست بلطف الله معي، ورحمته.
لو علمت أمي بما فعلت لكانت قد تركتني، ولكن الله لم يتركني، أنا من عصيته، ولكنه هو الذي وجدته بجانبي، وبعد مرور 3 سنوات، وفي هذه ال 3 أشهر الأخيرة جاء الشاب، كلمني، وعلمت أنه تزوج قبل أن يكلمني، وحزنت، ولكنني لم أكلمه، ولكنه قال لي: إن لديه جلسة الطلاق الشهر المقبل، قال لي: يريد مقابلتي، في الأول قلت له: إنني تبت إلى الله، لا أريد أن أعصيه، قال لي: أريد الزواج بك. في المرات الأولى رفضت، لكنني اتبعت هواي، وقال لي: إنه لن يفعل بي شيئا، فقط سنتكلم، ذهبت، ولكنه قام بمعانقتي، وتقبيلي، وبعدها اكتشفت أنه لا يوجد طلاق، وقررت أن أقطع علاقتي به، ليس لأنه لن يطلق، بل لأنني لا أريد الاستمرار في الغلط، وعندما قررت إنهاء التحدث معه قال لي: إنه يريدني، وأحسست أني تعلقت به من جديد. التقينا 5 مرات، ولكننا لم نقع بأية علاقة، لكنني في كل مرة أحس بالذنب، أقول في نفسي: هل أنا التي كنت أبكي البارحة، أعطيت للشيطان فرصة، وبعدها عرفت أنني على معصية كبيرة. قلبي يؤلمني كثيرا؛ لأنني عصيت الله مرة أخرى. لقد قطعت علاقتي به، ونصحته، وقلت له: لنتب إلى الله.
أريد أن أعرف: هل توبتي الأولى غير صحيحة؛ لأنني حقا ندمت، وهل يقبلني الله مرة أخرى، لقد تراجعت عن حفظ القرآن بسبب فعلي؛ لأن أهل القرآن لا يفعلون الفواحش، أنا خائفة أن أقع في الفاحشة معه مرة أخرى، ولكنه لا يريد مفارقتي، يقول: إنه يريدني، ولكن أنا لا أريد أن أخسر علاقتي بالله أكثر.
هل أنا من أهل النفاق؟ والله أندم كثيرا عندما أعصي الله، لكنني لا أعرف كيف سأتصرف.
الشيطان يقول لي: لن تقبل توبتك، فأريد نصيحتكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمهما تكرر الذنب، وتكررت التوبة، فهي مقبولة بإذن الله، قال تعالى: إن الله يحب التوابين {البقرة: 222}.

قال ابن كثير –رحمه الله- في تفسيره: أي: من الذنب، وإن تكرر غشيانه. انتهى.

والإعراض عن التوبة بحجة الخوف من عدم قبولها؛ حيلة شيطانية؛ للصد عن التوبة؛ فإن التوبة من أكثر ما يغيظ الشيطان.

 جاء في كتاب التوبة لابن أبي الدنياعن علي، قال: خياركم ‌كل ‌مفتن ‌تواب، قيل: فإن عاد؟ قال: يستغفر الله ويتوب، قيل: فإن عاد؟ قال: يستغفر الله ويتوب، قيل: حتى متى؟ قال: حتى يكون الشيطان هو المحسور، وفيه عن جعفر بن برقان، قال: قلت لرجل من أهل البصرة: كيف لا يستحيي أحدنا أنه لا يزال متبركا إلى ربه يستغفر من ذنب، ثم يعود، ثم يستغفر، ثم يعود، قال: قد ذكر للحسن، فقال: ود الشيطان لو ظفر منكم بهذه، فلا تملوا من الاستغفار.انتهى.

فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله، وقطع كل علاقة بهذا الرجل فورا، واعلمي أن التائب الصادق يجتنب أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان.

فاقطعي كل سبيل لتلك العلاقة الآثمة، واحذري من تخذيل الشيطان، وإيحائه لك باليأس، والعجز عن التوبة، والاستقامة، فذلك من وسوسته، ومكائده، فإن التوبة يسيرة بإذن الله تعالى.

قال أبو حامد الغزالي -رحمه الله- في منهاج العابدين: فإن قلت: إنما يمنعني من التوبة أني أعلم من نفسي أني أعود إلى الذنب، ولا أثبت على التوبة فلا فائدة في ذلك.

فاعلم أن هذا من غرور الشيطان، ومن أين لك هذا العلم؟ فعسى أن تموت تائبا قبل معاودة الذنب. وأما خوف العود .. فعليك العزم، والصدق في ذلك، فبذلك تتخلص من ألم الذنب، وتكون بين إحدى الحسنيين، والله ولي التوفيق، والهداية. انتهى.

فاستعيني بالله تعالى، وتوكلي عليه، وجاهدي نفسك على الثبات على التوبة، واحرصي على مصاحبة الصالحات، وسماع المواعظ النافعة، واشغلي وقتك بما ينفعك، وأبشري خيرا، وأحسني ظنك بربك. وأكثري من ذكر الله، ودعائه، فإنه قريب مجيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات