السؤال
ما دلالة أن يسيئ إلي دائما من أحسن إليهم، هل هو غضب من الله؟
أجد عظيم الأثر من الحزن، والكمد، والحسرة، عندما ألاقي ذلك من أخت أحسنت إليها كثيرا دون من، ولا أذى، وقاطعتني حاليا، وزوجة راعيت الله فيها بشهادتها.
هل أتوقف عن الإحسان للغير؛ لأن أفعالهم بالنهاية تجعلني حزينا، كارها للدنيا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم مما ذكرت غضب الله عليك، وإن كان الإنسان قد يبتلى ببعض الأعراض والمصائب لذنوبه. قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {الشورى: 30}.
وقال بعض السلف فيما نقله ابن القيم في الجواب الكافي: إني لأعصي الله، فأرى ذلك في خلق دابتي، وامرأتي.
وفي كل الأحوال، فعلى المسلم أن يجدد التوبة، والاستغفار على الدوام.
والذي نوصيك به، هو أن تفعل الخير، ولا تتوقف عنه بسبب عدم رد جميل، أو إساءة تصرف ممن أحسنت إليهم، وانتظر في ذلك مثوبة الله تعالى.
فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم، ويقطعوني، وأحسن إليهم، ويسيئون إلي، وأحلم عنهم، ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
ولا تقطع إحسانك عمن كنت تحسن إليهم، ولك في سيدنا أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أسوة حسنة، فقد كان له قريب ينفق عليه، ويحسن إليه، فلما حصلت حادثة الإفك كان هذا القريب فيمن خاض فيها، فلما نزلت الآيات التي فيها براءة عائشة -رضي الله عنها، وعن أبيها- قال أبو بكر: والله لا أنفق عليه شيئا أبدا، بعد الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل الله: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم}. قال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إليه النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.انتهى. والقصة في الصحيحين، وغيرهما.
والله أعلم.