السؤال
هل يمكن لمن ولد مسلما، وخسر نفسه، وختم الله على قلبه من الفسوق، أن يمس المصحف الكريم، أو أن يدخل المسجد بنية التوبة لله رغم تيقنه من الختم على القلب؟
هل يمكن لمن ولد مسلما، وخسر نفسه، وختم الله على قلبه من الفسوق، أن يمس المصحف الكريم، أو أن يدخل المسجد بنية التوبة لله رغم تيقنه من الختم على القلب؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى يقبل توبة عبده، بل ويفرح بها كيفما كان ذنبه. قال تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون. {الشورى:25}. وقال تعالى أيضا: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. {الزمر:53}.
وقال صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه. رواه الإمام مسلم، وغيره، وقال صلى الله عليه وسلم: الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم، سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة. متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وعليه؛ فمهما كانت شناعة، وكثرة الذنوب التي وقعت فيها، فإن الله تعالى يقبل توبتك إذا استوفت شروطها من الندم، والإقلاع عن تلك المعصية، وعدم العودة إليها، إلى آخر ما تقدم بيانه في الفتوى: 5450.
وعليك بالإكثار من الاستغفار، وأنواع الطاعات، ومجاهدة النفس على البعد عن المعاصي والمنكرات، مع الابتعاد عن اليأس، والقنوط من رحمة الله تعالى. وانظر الفتوى: 445114. ولتعلم أن قلوب العباد يقلبها الله -تعالى- كيف شاء، ففي الحديث الصحيح: إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء. رواه مسلم.
فلا تقل "رغم تيقنه من الختم على القلب" فهذه وساوس شيطانية؛ ليصدك بها عن سبيل الله، فأقبل على ربك، وسله الثبات، والتوفيق، وحسن الخاتمة، فمن يحول بينك، وبين ربك؟
ويجوز لك دخول المسجد إذا كنت غير جنب، لكن لا تتوقف توبتك على دخوله، بل يكفيك أن تأتي بشروط التوبة التي تقدم ذكرها. لكن نوصيك بالإكثار من حضور المساجد؛ للصلاة مع المسلمين. وراجع الفتوى: 17218.
كما يجوز لك مس المصحف إذا كنت على طهارة، وراجع الفتوى: 45150.
والله أعلم.