السؤال
سمعت أن المظالم بين الناس يعيدها علينا الله سبحانه ولا يترك منها شيئا حتى يقيم العدلأنا اعتديت كثيرا على أموال وأعراض الناس (ليس زنا)أما الأموال فإني أعاهد الله أنني أحاول جاهدا إعادتها كلها بل وزيادةأما الأعراض فلا أستطيع أبدا أن أذهب إليهم وأستسمحهم لا أستطيعفهل إذا عملت عملا صالحا كثيرا وأهديت ثوابه إلى هؤلاء الناس أبرئ ذمتي من ذنوبي؟فالحساب يوم القيامة لا درهم ولا دينار بل حسنات وسيئاتفهل هناك أمل أن تبقى حسناتي عندي ولا تذهب إلى الآخرين جزاء ما ارتكبته ؟رجاء ما الحل ؟ أخبروني يرحمكم الله
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يقبل توبتك ويغفر ذنبك، واعلم أن من شروط صحة التوبة أن يقلع الإنسان عما كان يمارسه من الآثام ويندم على ما مضى من فعلها ويعزم أن لا يعود إليها في المستقبل، ومن تمام ذلك أن يرد الحقوق إلى أصحابها إن كانت قابلة للرد. وما كان من نحو الأعراض والحقوق المعنوية التي لا يمكن قضاؤها فإنما يستبرأ منها بطلب السماح منها ولو في الجملة إن كان لا يستطيع ذكرها لأصحابها، بأن يقول لهم -مثلا- اسمحوا لي كل حق يعلمه الله، ومن العلماء من ذكر أن على المرء في مثل هذه الحالة أن يذهب إلى أماكن متعددة يذكرهم فيها بالخير جبرا لما نال من أعراضهم، وهذا كله سهل ينبغي أن لا يحول الشيطان بينك وبين فعله.
وأما ما سألت عنه من قيامك بعمل صالح تهدي إلى هؤلاء ثوابه، فإنه لم يكن معروفا عند السلف، والأحسن للإنسان أن لا يحيد عن منهج السلف الصالح، فإن الخير كله في الاتباع، والشر كله في الابتداع.
وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان ثواب العمل يصح إهداؤه للغير، مع اتفاقهم على صحة ذلك في الصدقة والحج والدعاء للميت، وراجع الفتوى رقم: 18276، والفتوى رقم: 3500.
ثم عن ما إذا كان ثمت أمل في أن لا تذهب حسناتك إلى الآخرين، فإن ذلك من الأمور الغيبية التي لا يصح الجزم بما سيكون منها قبل أن تعرض الأعمال بين يدي الله، ولكن نبشرك بأن التائب حبيب الله، والله لا يعذب أحبته، ولا يتعاظم ذنب أمام جميل عفوه وسعة رحمته.
وراجع الجواب 18654.
والله أعلم.