السؤال
حججت العام الماضي، وأريد أن أحج هذا العام عن والدتي، وهي كبيرة في السن -عندها: 77 عاما- وحالتها الصحية غير مستقرة، وتلزمها عناية، حيث إنها مريضة بالكبد، وحالتها متقلبة، فتارة تكون حالتها جيدة، وتارة تمرض، وتحتاج إلى رعاية، علما بأنها لا تملك تكاليف الحج، فسجلت للحج مع زوجتي هذا العام بنية الحج عن والدتي، فهل يجوز الحج عنها؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من عجزت عن الحج ببدنها ومالها لا يجب عليها الحج، لقوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين {آل عمران: 97}.
وقال ابن قدامة في المغني: فإن لم يجد مالا يستنيب به، فلا حج عليه، بغير خلاف؛ لأن الصحيح لو لم يجد ما يحج به، لم يجب عليه، فالمريض أولى. انتهى.
لكن يشرع أن يحج عنها ولدها بإذنها إذا كان سبق له الحج عن نفسه، لما في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما: أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله؛ إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم، وذلك في حجة الوداع.
ولحديث أبي رزين العقيلي: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج، ولا العمرة، ولا الظعن، فقال: حج عن أبيك واعتمر... رواه أحمد، وأصحاب السنن، وقال الترمذي: حسن صحيح.
ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي -أو قريب لي- قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة. أخرجه أبو داود، وابن ماجه.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز الحج والعمرة عن حي إلا بإذنه، فرضا كان، أو تطوعا، لأنها عبادة تدخلها النيابة، فلم تجز عن البالغ العاقل إلا بإذنه، كالزكاة. انتهى.
ويرى الشافعية أن المعضوب -وهو العاجز عن الحج ببدنه- إن لم يكن له مال، وله ولد يطيعه، فإن الحج يصبح واجبا عليه، ويجب عليه أن يأذن له بالحج عنه، قال الشيرازي في المهذب: من لا يقدر على الحج بنفسه، وليس له مال، ولكن له ولد يطيعه إذا أمره بالحج، فينظر فيه، فإن كان الولد مستطيعا بالزاد والراحلة، وجب على الأب الحج ، ويلزمه أن يأمر الولد بأدائه عنه، لأنه قادر على أداء الحج بولده، كما يقدر على أدائه بنفسه. انتهى.
والله أعلم.