متطلبات العمل لا تبيح التساهل في بِرٍّ الأم

0 3

السؤال

أعمل أنا وزوجي مع أمي في شركة عائلية، وهي المديرة.
وبما أننا نسكن في نفس المنزل؛ فإننا نتكلم معظم الوقت عن العمل، وأحيانا أتجادل معها بشأن العمل، ويرتفع صوتي عندما لا نتفق في شيء ما: مجرد كلام، وليس شجارا.
هنا، تقول لي إن ذلك عقوق، وإنني لا أحترمها، علما أنني أشير دائما إلى عدم الكلام عن العمل في المنزل، لكنها مهووسة به.
في بعض الأحيان أرفض الرد بحكم أننا في المنزل، فتغضب علي. مع العلم أنها تصرخ كثيرا، وألفاظها غير لائقة، فننخرط في شجار.
كيف أتجنب العقوق في هذه الحالة؟
وهل أستطيع أن أتعامل معها كمديرة، بمعنى أن أعطي رأيي بكل صرامة، وإن كلف الأمر جدالا بعد ذلك؟
في مرات عديدة أتحدث أنا وزوجي، فتأتي وتطلب منا أن نتحدث، ظنا منها أننا نتكلم عن العمل؛ فأقول لها إن هذه خصوصية؛ فتغضب.
هل أنا مخطئة في هذا الأمر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:         

فإن بر أمك، والإحسان إليها؛ أمر واجب لا شك فيه، فقد قال تعالى: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء:23، 24}.

وفي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. اهـ. 

فاحرصي على بر أمك، والإحسان إليها، واحذري مما يؤذيها من رفع الصوت عليها، أو عدم الرد عليها إن سألت عن أمر مباح.

وإذا اقتضى الأمر الحوار معها، فحاولي ضبط ألفاظك، والغض من صوتك، والتحكم في أعصابك قدر الإمكان، واحذري من تعمد التصرف الذي يمكن أن تعتبره هي عقوقا؛ فإنه لا يجوز.

فقد ذكرنا في الفتوى: 73463، ضابط عقوق الوالدين، وهو: أن يحصل من الشخص اتجاه أبويه، أو أحدهما إيذاء متعمد، تعارف الناس على أنه عقوق. 

وبما أنك تشتركين في العمل مع أمك؛ فهذا يقتضي وجود حوار وكلام بينكما، لكن احرصي أن تكلميها برفق، واحترام، ولا يجوز لك رفع الصوت عليها للدفاع عن رأيك، أو فيما يتعلق بشؤون العمل.

مع استحضار أنها أمك، ولا يسوغ كونها مديرة لك، أو عاملة معك، أن تعامليها معاملة لا تليق بها كأم. 

وإذا كنت تتكلمين مع زوجك في أمور خاصة، وأرادت أمك الكلام معكما؛ فبالإمكان أن توضحي لها أن الأمر يتعلق بشؤونكما الخاصة، ويكون كلامك معها برفق، واحترام، ولا تكونين مخطئة في الأمر. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة