علاج المشاكل مع الوالدين، والتفرقة بين الأبناء في المعاملة

0 8

السؤال

الحمد لله، والداي ما زالا على قيد الحياة، وأحمد الله على ذلك، وأحرص دائما على برهما. كنت أعيش في بيت العائلة، ولكن مع كثرة المشاكل، قررت أن أترك بيت العائلة وأنقل حياتي خارجه. بفضل الله، قمت بتيسير سفر والدي لأداء العمرة. وقبل السعي في ذلك، طلبت من إخوتي الأربعة المشاركة في تكاليف السفر، لكنهم رفضوا جميعا، بل وحاولوا بشدة إفشال الفكرة. ومع ذلك، الحمد لله، تمت العمرة بنجاح.
المؤلم في الأمر أن والدي غالبا ما يميلان في المعاملة إلى إخوتي الآخرين، لدرجة أنهما أنكرا أنني من قمت بتسفيرهما للعمرة، ونسبا الفضل لإخوتي. تكررت مواقف عديدة بيني وبينهم، ودائما ما تقف والدتي في صف باقي إخوتي، بغض النظر عن الحق، مما أثر على نفسيتي بشكل كبير.
وأنا أحرص على زيارتهم بانتظام، بالرغم من سوء معاملتهم لي. هذا بالإضافة إلى أن إخوتي يتعمدون إفساد العلاقة بيني وبين والدي، ويصبون الزيت على النار، مما يزيد من حدة الخلافات. بل إنهم يسعون جاهدين لجعل والدي يدعوان علي بكل شر، وعدم محبتي، مما يجعل الوضع أشد صعوبة بالنسبة لي.
لقد عانيت من مواقف عديدة مؤلمة مع والدي وإخوتي، وكل موقف أسوأ من الذي قبله. ورغم كل شيء، أحاول المحافظة على صلة الرحم، لكني أصبحت أشعر أنني على وشك الانهيار. فما حكم الدين في قيام الوالدين بالتفرقة بين الأبناء في المعاملة؟ وما حكم الدين في تصرف الإخوة الذين يسعون إلى إفساد العلاقة بيني وبين والدي، وزيادة الشقاق؟ وماذا يمكنني أن أفعل في ظل هذه الظروف الصعبة؟ فأنا بشر ولي كرامة، ومع ذلك أحاول جاهدا ألا أقطع صلتي بوالدي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على حرصك على البر بوالديك، ونسأل الله -عز وجل- أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك، وأن يرزقك رضاهما. ونوصيك بدعاء الله -سبحانه- أن يصلح الحال بينك وبين والديك وإخوانك، فالله على كل شيء قدير، وقلوب العباد بين يديه يقلبها كيف يشاء.

وينبغي أن تستشعر أن ما قمت به من دفع تكاليف سفر والديك للعمرة أجره عند الله، وأنه سبحانه لا يضيع أجر المحسنين، فقد قال تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره {الزلزلة: 7}. وإن جحدا قيامك بذلك، فهذا أمر سيئ، ورد غير جميل، والغالب في الوالدين الشفقة على أولادهما والحرص على ما فيه مصلحتهم، واجتناب ما يضرهم ويؤذيهم، فإن رأيت منهما شيئا من سوء التصرف معك، فاصبر عليهما، والتمس السبب الذي دعاهما لذلك، فربما يكون بسبب تصرف منك أساءا فهمه، أو تقصير منك في جانب آخر ونحو ذلك، واعمل على معالجة كل سبب بما يناسبه من الحل، ويمكنك -أيضا- أن تستعين ببعض المقربين إليهما عند الحاجة لذلك. وقد أحسنت بحرصك على البر بهما؛ فحقهما في البر لا يسقط مهما صدر عنهما من إساءة، وانظر الفتوى: 299887.

وإن كان إخوتك أو أخواتك يتسببون في الفتنة والتفريق بينك وبين والديك، فهذا منكر عظيم، وهو من صفات السحرة والشياطين الذين يسعون في التفريق بين الأحبة، وينبغي نصحهم وتذكيرهم بالله، فإن تركوا هذا التصرف فالحمد لله، وانظر الفتوى: 58252.

 نسأل الله تعالى أن يصلح حالكم جميعا، ويرزقكم العافية من كل بلاء، ويجعل العلاقة بينكم في أحسن حال من الألفة والمودة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة