السؤال
إذا أعطيت الصدقة لمتسولين في الشارع، مع محاولة عدم إظهارها أمام الناس؛ بنية التصدق خفية، فهل تعد صدقة في الخفاء؟ وهل يفضل أن تكون مالا أم يفضل أن أشتري به طعاما لهم؟ وشكرا.
إذا أعطيت الصدقة لمتسولين في الشارع، مع محاولة عدم إظهارها أمام الناس؛ بنية التصدق خفية، فهل تعد صدقة في الخفاء؟ وهل يفضل أن تكون مالا أم يفضل أن أشتري به طعاما لهم؟ وشكرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حصلت الصدقة دون أن يعلم به أحد من الناس إلا من أخذها؛ فهي من صدقة السر، قال ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير: قوله: {وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} تفضيل لصدقة السر؛ لأن فيها إبقاء على ماء وجه الفقير، حيث لم يطلع عليه غير المعطي. اهـ.
ويدل على ذلك حديث أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة يحبهم الله، وثلاثة يبغضهم الله: أما الثلاثة الذين يحبهم الله: فرجل أتى قوما، فسألهم بالله، ولم يسألهم بقرابة بينهم، فمنعوه، فتخلف رجل بأعقابهم، فأعطاه سرا، لا يعلم بعطيته إلا الله، والذي أعطاه ... الحديث. رواه أحمد، والترمذي، وصححه، والنسائي. وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم على شرط الشيخين، ولم يتعقبه الذهبي.
قال التوربشتي في الميسر في شرح مصابيح السنة: والمعنى: أنه سافر عن أصحابه؛ حتى خلا بالسائل، فأعطاه سرا. اهـ.
وقال المظهري في المفاتيح في شرح المصابيح: أي: تأخر، واستتر من بينهم إلى جانب؛ حتى لا يروه، ثم أعطى الفقير سرا. اهـ.
وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكل طهوره إلى أحد، ولا صدقته التي يتصدق بها، يكون هو الذي يتولاها بنفسه. رواه ابن ماجه، ضعفه العراقي في تخريج الإحياء، وابن الملقن في البدر المنير، وابن حجر في التلخيص الحبير، والبوصيري في زوائد ابن ماجه.
قال المجددي الدهلوي في (إنجاح الحاجة): قوله: "ولا صدقته" وجهه ... أن التوكيل في الصدقة يخرجها من السر إلى العلانية، وقد قال الله تعالى: {وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم}، ولأن المتصدق عليه قد يستحيي في بعض المواد عن بعض الأشخاص. اهـ.
وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: قوله: "حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" مثل ضربه في المبالغة بالاستتار بالصدقة؛ لقرب الشمال من اليمين، وإنما أراد بذلك أن لو قدر ألا يعلم من يكون عن شماله من الناس ما تتصدق به يمينه لشدة استتاره. اهـ.
وأما ما هو الأفضل: المال أو الطعام؟
فالمعتبر في ذلك هو ما يحقق أعظم النفع للفقير: فإن كان الطعام أنفع له من النقود، فهو أفضل، وإلا فالنقود أفضل؛ لكونها تنفعه لشراء ما يحتاجه من ضرورياته، وغيرها، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 51031.
والله أعلم.