السؤال
حدثت مشاكل جمة يبننا وبين والدنا المتزوج وبداية كان لنا يد فيها ولجهلنا... ولكن بعد أن عرفنا خطأنا وجهلنا ولعلنا نقول عقوقنا وحاولنا تصحيح الأمور ولكن كان الأوان قد فات فهذه الزوجة عرفت أن تستغل خطأنا أحسن استغلال وغيرت مفاهيم والدنا ومعتقداته عن أبنائه حتى بات يكرهنا ويرد كلامنا وسلامنا حتى نهانا عن إلقاء التحية، وبعد محاولات جمة في كل عيد ومناسبة لنطلب السماح ورفضهم وإصرارنا وتدخل بعض الأطراف سامحنا وحلت المشاكل ولكن يظهر أن هذا لم يرق للزوجة فبدأت تنخر في عقله وتسمم أفكاره علينا وتوالت المشاكل والمشكلة الأكبر (تفاهة الأسباب)، وإن كنا في حين نعلم أن لا حول له ولا قوة لأنها تضغط عليه من جهة وتقنعه بالدموع والمسكنة من جهة أخرى وتوالى ظلمه واتهاماته الباطلة بالسرقة والتآمر لنا ولمن حولنا لمل لا يروقها، ولكنا تعلمنا من درسنا وحتى لا نكون مذنبين أمام الله أولا وأخيرا أصبحنا كائنات تسمع المهانات والظلم والبهتان ولا تجيب خوفا من الله وحتى لا نكون من العاقين لوالدهمولكننا عجزنا عن إرضائه فهو راض عنا إن هي رضيت عنا وغاضب إذا غضبت، واتخذ بعض القرارات الظالمة كمنعنا عن زيارة خالاتنا وأخوالنا ومنعهم عنا (قطع صلة رحم)، ونحن استجبنا لهذا ورضينا ولكن المشكلة الأكبر أنها بالغت وتجبرت وظلمت ربما لأننا بالغنا في سكوتنا طلبا لرضا الله أولا ورضا الوالد اخيرا، فهل نعتبر من العاقين مع العلم أننا أخطأنا في السابق وفي حقها على الأغلب لا في حقه وإن كان خطؤنا دفاعا عن النفس لا أكثر ولكن الأسلوب كان كرفع الصوت عليها وما إلى ذلك ولكننا الآن مطيعون له ولها ولكن الأمر لم يعد يرضيها ماذا علينا أن نفعل؟ إفيدونا أفادك الله، وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما أنتم عليه من الصبر على الأذى والظلم الواقع عليكم من أبيكم وزوجته مع توبتكم عن ما بدر منكم من خطأ سابق في حق زوجة أبيكم هو الواجب عليكم اتجاه والدكم لما للوالد من عظيم الحق على أبنائه فإن حق الوالدين يأتي بعد حق الله تعالى، وقد قرن الله سبحانه وتعالى الأمر بالإحسان إلى الوالدين بالأمر بعبادته وعدم الإشراك به، فقال عز وجل: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا {النساء:36}، ونهى سبحانه وتعالى عن التأفف للوالدين الذي هو أدنى مراتب الإساءة، ونهى عن أن ينهرهما، وأمر بإلانة القول لهما، فقال عز وجل: فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء:23-24}.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من أكبر الكبائر فقال: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين. رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، فاجتهدوا قدر استطاعتكم في الإحسان إلى والدكم وإلى زوجته لما في الإحسان إليها من إرضاء والدكم، وإن وجدتم منهم جفاء وغلظة فاحتسبوا الأجر عند الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. ومعنى (تسفهم المل) تطعمهم الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم، كما يلحقهم الألم من الرماد الحار.
والله أعلم.