السؤال
أنا متزوج وجامعي والحمد لله راشد وملتزم إلا أن والدي - وبناء على أفكار مغلوطة وصلته عني وعن زوجتي تتعلق بالشرف والعفة - يقرر في حقي أحيانا قرارات لا أقبلها كقطع الهاتف من بيتي وقرارات أخرى مشابهة ولم أستطع إقناعه وخالفت أمره وأرجعت الهاتف بعد أن فصله هو شخصيا لمدة شهرين ليس تحديا ولكن لحاجتي الشديدة له فما حدود سلطة الوالد علي في مثل هذه الحالات وما الواجب علي من طاعته سيما وأننا نتناقش في مثل هذه القضايا ونختلف اختلافا حادا في وجهات النظر تؤدي بنا أحيانا إلى الاختلاف أفتوني مأجورين فهذا الأمر يعلم الله يؤرق مضجعي وكاد أن يسبب لي الهلاك رغم أن محبتي لوالدي ومحبته لي كانت مضرب الأمثال وليس بعيدا أن تكون عينا حاسدة أصابتنا فهل أنا آثم في مخالفته في هذه القضايا كالهاتف مثلا وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنصيحتنا لهذا الأب أن يتقي الله تعالى، ولا يسارع إلى رمي ولده بالتهم، بل عليه أن يحسن الظن به، ويتحرى ويتثبت في أموره، وأن لا يتخذ من وجوب بره على ولده ذريعة يمنعه بها مما هو بحاجة إليه مما أباحه الله تعالى له، ولا يجب عليك طاعة والدك في قطع الهاتف، ولا غيره مما ليس لوالدك فيه مصلحة، ويلحقك به مشقة وحرج، وليس كل أمر أمر به الوالد يجب طاعته فيه.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: وأما حقيقة العقوق المحرم شرعا فقل من ضبطه، وقد قال الشيخ الإمام أبو محمد بن عبد السلام رحمه الله: لم أقف في عقوق الوالدين، وفيما يختصان به من الحقوق على ضابط أعتمده، فإنه لا يجب طاعتهما في كل ما يأمران به وينهيان عنه باتفاق العلماء، وقد حرم على الولد الجهاد بغير أذنهما، لما يشق عليهما من توقع قتله أو قطع عضو من أعضائه، ولشدة تفجعهما على ذلك، وقد ألحق بذلك كل سفر يخالفان فيه على نفسه، أو عضو من أعضائه هذا كلام الشيخ أبي محمد، وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله في فتاويه: العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة قال: وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية، ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات. انتهى.
وننهبك إلى وجوب الأدب مع أبيك، وحرمة رفع صوتك عليه ولو كنت محقا وكان الصواب في جانبك، وانظر الفتوى رقم: 28372، والفتوى رقم: 50556.
والله أعلم.