الترقي إلى الكمال في الأخلاق والإيمان

0 168

السؤال

الحمد لله والكمال لله أود أن أرسل لكم سؤالي مع أنني أعلم أن هذا السؤال قد مر عليكم كثيرا فإنني والحمد لله شاب أعزب طيب القلب ومسامح وعلى خلق باعتراف الجميع، لكن الله ابتلاني وما زال يبتليني بالعديد من البلاء كالأمراض من ثقل في السمع واللسان وحصوة في الكليتين وأيضا ابتلاني في ظروفي العائلية حيث أبي لم أره حتى الآن ولم أعرف عنه شيئا هل هو ميت أم حي، وأمي التي تزوجت أكثر من مرة (أربع مرات)، وعائلتي التي معظمهم يعملون الفواحش ما ظهر منها وما بطن هذا جزء مختصر من مآساتي لكن ليس هي المقصودة من سؤالي الذي أحب أن أوجهه لكم، وهو قد ذكر حديث للرسول فيما معناها "ما من عبد يذنب حتى يتوب يغفر الله له........... "، لكن بالرغم من الحمد لله أخلاقي حسنة يحدث مني بعض الشوائب كغض البصر وأشياء أخرى، ويعلم الله والله أعلم بأن معظم ذنوبي والله أعلم بسبب هذه العيوب التي في، لكن أنا لست راضيا عن هذه العيوب وأريد أن أكون مثل الرسول في خلقه لكن هذا مستحيل جدا لأن الرسول كامل الخلق وقد قرأت لكم بعض الفتاوى تتعلق بالتوبة والذنوب فهمت منها أن هناك تعارضا بين تفسيركم لهذا الحديث وشروط التوبة حيث على ما أعتقد أن هذا الحديث يوضح أن العبد توبته مقبولة لحين عمل ذنب آخر بغض النظر حتى لو كان صمم على عدم العودة مرة أخرى لكن حضرتكم وضحتم من شروط التوبة الصادقة عدم العودة مرة أخرى أليس هناك تعارض، أرجو الإجابة علي لأنني أحيانا أعمل ذنوبا مع أنني متأكد أني ممكن أقع فيها مرة أخرى كما وضحت لكم، وهل توبتي من الذنب الأول مقبولة حتى لو رجعت مرة أخرى، ولي ملاحظة أخرى: ما هي درجات الخلق أو الإيمان، لأننا نعيش في زمن صعب على المسلم الابتعاد عن المنكرات وعمل كل المعروف؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ما أنت فيه من البلاء دليل على حقارة الدنيا وأن متعتها زائلة، وأن الآخرة خير وأبقى، وأن ما عند الله خير للأبرار، واعلم أنك إن صبرت ولم تضجر أو تتسخط فإن أجرك عند الله عظيم جزيل، قال تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب {الزمر:10}، وانظر الفتوى رقم: 51946.

والواجب عليك أن تبادر بالتوبة مما تلم به من الذنوب والتي منها إطلاق البصر إلى ما حرم الله النظر إليه، وبخصوص الاستشكال الذي أوردته؟ فنقول: إنه لا تعارض بين قبول توبة من أذنب ثم يعود، وبين توقف قبول التوبة على استيفاء شروط قبولها.

فإن التائب من الذنب إذا استوفى شروط التوبة النصوح والتي منها الندم على ما قارفت يداه والعزم الأكيد على عدم العودة لذلك الذنب فإن الله يقبل توبته ويمحو ذنبه، فإن عاد إلى نفس الذنب فإن الله لا يغلق باب التوبة دونه، بل يقبله إذا عاد نادما عازما على عدم العود لما يسخط الله، فالله لا يقبل توبة من لم يندم، ولا من هو مصر على معاودة الذنب، وانظر الفتوى رقم: 1909.

وأما الأخلاق وأعمال الإيمان، فبعضها واجب وبعضها مستحب، ولا بد من تحصيل الواجب للدخول في زمرة المؤمنين، وأما من أراد أن يدرج نحو الكمال فعليه أن يزيد من الأعمال المستحبة.

ومن أعمال الإيمان الواجبة: أركان الإسلام لمن استوفى شروطها، وبر الوالدين وصلة الأرحام، وموالاة المؤمنين ومحبتهم، ومعاداة الكافرين والبراءة منهم وغير ذلك.

ومن أعمال الإيمان المستحبة: ما شرعه الله ولم يفترضه على عباده كنوافل العبادات وذكر الله مطلقا وقراءة القرآن، قال الله تعالى: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..... رواه البخاري، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4478، 12178، 20666، 24093، 24211.

وأما قولك إنه يصعب الابتعاد عن المنكرات وأداء كل معروف، فنقول: إن من أراد رضوان الله والجنة فلا بد له من مجاهدة، فإن سلعة الله غالية وقد حفت بالمكاره، قال الله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين {العنكبوت:69}.

وإن مما يعينك على الاستقامة على طريق الهداية سؤال الله أن يشرح صدرك ويلهمك رشدك ويكفيك شر الشيطان ونفسك، ثم اتخذ صحبة صالحة من المؤمنين، فإن صحبتهم من أعظم المعينات على الثبات على طريق الحق، ففتش عنهم وانتظم في سلكهم، واعبد الله معهم، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 16976، 23498، 15219، 21743.
 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات