السؤال
والدي من غلاة الصوفية وغضبان علي لاختلافي معه فى العقيدة، وأبعدت أبنائي عنه لأنه يريد أن ينشئهم على فكره، فهل هذا حرام، مرض هذا الوالد مرضا أشرف فيه على الهلاك وأخذته عندى ويعلم الله مدى ما أحسنت إليه وأسأل الله الأجر، وبعد أن تماثل للشفاء رجع إلى بيته وهو أشد غضبا مني لأنه يكره السلفيين ويعتبرهم من المبتدعة ويرى أن ما عنده من العلم هو الأصوب واتهمني أنني سرقت منه مالا وذهب يشكوني لكل من يعرفنا ثم هدد بإرسال من يحقق معي فى هذا ودليله فيما يقول أن سيدة من سيدات آل البيت الكرام أخبرته فى الرؤيا أنى سرقت ماله، فغضب زوجى من ذلك وقال إنه لن يسكت، فقلت له افعل ما تراه صحيحا أما أنا فلن أتكلم فى هذا الموضوع ولن أقول عليه كلمة تسيئه وسأحتسب أجرى على الله وهو الذى يحكم فى هذا الأمر واعتزلته، ولكني دائمة الدعاء، له فهل أنا داخلة فى من يعقون والديهم، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن للوالد على ولده حق البر به والإحسان إليه مهما كانت عقيدة هذا الوالد أو دينه، قال الله تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون {لقمان:15}، فقد أمر الله بمصاحبة الوالدين المشركين في الدنيا معروفا، ومعروفا أي ما يحسن، قال الإمام القرطبي رحمه الله: والآية دليل على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين وإلانة القول والدعاء إلى الإسلام برفق. انتهى.
هذا في حق المشرك فما بالك بالوالد المسلم وإن كان صاحب بدعة، وأما إبعاد أولادك عنه خشية تأثيره عليهم فلا بأس به وليس فيه عقوق، وأما بشأن اتهامه لك بسرقة ماله ومقابلته لإحسانك بالإساءة إليك فنوصيك بالصبر على والدك واحتساب الأجر عند الله مما يصيبك منه، وإياك أن تقابلي الإساءة بالإساءة ولكن قابليها بالإحسان، واعلمي أن لك الأجر الجزيل عند الله ببرك بوالدك.
ونوصيك بالدعاء لوالدك بالهداية والمغفرة فإن القلوب بيد الله سبحانه، وثقي أن معاملتك الحسنة لوالدك سوف تغير منه وتجعله يعيد النظر في معاملتك، ويعلم أن ما أنت عليه هو الحق.
والله أعلم.