السؤال
لماذا يعاتبنا ضميرنا بعد فعل المعصية ولا يعاتبنا قبل فعلها ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن الشيطان يغري الإنسان بالمعصية ويزينها له ويخفي عنه عواقبها ويهونها عليه حتى إذا باشرها ووقع فيها تخلى عنه وتركه للندم والحسرة، قال تعالى مبينا دور الشيطان في إغواء الإنسان:
هذا، وإن الله حكى لنا تبرؤ الشيطان من ابن آدم مع أنه هو الذي أغواه بالمعصية وزينها له. قال تعالى: كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين (16) فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين {الحشر: 16-17} وقال تعالى: وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم {إبراهيم. 22}
لكن بعد المعصية يعود الإنسان لفطرته ويشعر بعظم جرمه وفداحة ذنبه، فينسى لذة المعصية ويتألم ويندم ويتمنى أن لم يكن قد واقع تلك المعصية.
وهذه الحال من الندم والألم والانكسار بعد الذنب يمحو الله بها إثم المعصية، وذلك من واسع رحمة رب العالمين.
هذا، ولينتبه إلى أن إغواء الشيطان وتزيينه للمعاصي لا ينطلي على كل أحد، بل ينجو منه المتقون وأهل الإيمان الخالص، وإذا نسوا أو فرطوا فإنهم سرعان ما يندمون ويتوبون ويستغفرون ولا يصرون. قال تعالى: إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون {الأعراف: 201}
والله أعلم.