السؤال
لقد سألت في الأيام الماضية أحد أهل الخير وطلبت منه أن يدلني على إحدى الأسر الفقيرة لأن لدي بعض الملابس المستعملة وأريد أن أتصدق بها بدلا من رميها ولكنه قال لي هذا لا يصح إذا كنت تريد أن تتصدق فتصدق بالملابس التي ترتديها وقرأ آية (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وقال لي هل ترضى أنت لنفسك هذا فقلت له أنا الحمد لله لست محتاجا وهو مصر على رأيه ، ما رأيكم في ما قاله لي إذا كنتم تخالفونه الرأي فأريد دليلا على ذلك؟ وماذا أفعل بهذه الملابس هل أرميها مع العلم أنها في حالة جيدة وليست ممزقة أو بالية هي فقط مستعملة؟.
وجزاكم الله كل خير
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج عليك في التصدق بالثياب المستعملة، بل هو مستحب عند بعض أهل العلم في حال ما إذا لبست ثوبا جديدا.
ففي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي الشافعي: ويسن لمن لبس ثوبا جديدا التصدق بالقديم، إلى أنه قال: وليس التصدق بالثوب القديم من التصدق بالرديء، بل مما يحب، وهذا كما جرت به العادة من التصدق بالفلوس دون الذهب والفضة. انتهى
والآية التي ذكرتها في سؤالك فصل ابن الجوزي القول فيها حيث قال في تفسيره زاد المسير: قول الله تعالى: لن تنالوا البر، في البر أربعة أقوال: أحدهما: أنه الجنة قاله ابن عباس ومجاهد والسدي في آخرين، قال ابن جرير فيكون المعنى: لن تنالوا بر الله بكم الذي تطلبونه بطاعتكم، والثاني: التقوى قاله عطاء ومقاتل، والثالث: الطاعة قاله عطية، والرابع: الخير الذي يستحق به الأجر قاله أبو روق.
قال القاضي أبو يعلى: لم يرد نفي الأصل وإنما نفى وجود الكمال، فكأنه قال لن تنالوا البر الكامل.
قوله تعالى: حتى تنفقوا مما تحبون فيه قولان، أحدهما: أنه نفقة العبد من ماله وهو صحيح شحيح. رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم. والثاني: أنه الإنفاق من محبوب المال قاله قتادة والضحاك، وفي المراد بهذه النفقة ثلاثة أقوال، أحدها: أنها الصدقة المفروضة قاله ابن عباس والحسن والضحاك، والثاني: أنها جميع الصدقات قاله ابن عمر، والثالث: أنه جميع النفقات التي يبتغى بها وجه الله تعالى سواء كانت صدقة أو لم تكن.
وعليه، ففي الآية أقوال لأهل العلم، والإنفاق مما يحب الإنسان سبب لوصول كمال البر ونهايته مع الخلاف في المقصود بالنفقة هنا، والتصدق بالثوب المستعمل هو من باب التصدق من المال المحبوب للإنسان كما سبق.
والله أعلم.