السؤال
أتمنى من الشيخ أن يفتيني، فأنا فتاة غير محجبة لكني أصلي وعندما تكون معي نقود أتصدق وأعمل الخير، أنا لست ملكا لا أخطئ، كما أني لا أعرف الكثير عن الدين وهذا يؤرقني كما أني أفكر هل الله يقبل صلاتي أم لا ،هل ربي يستجيب لدعائي أم لا كما أني أريد أن أحتجب لكن أنا مترددة لا أحد ينصحني فأنا أفعل ما أعرفه فقط عندي أسئلة كثيرة لكني سأكتفي بهذا وشكرا أنا أشعر بالضياع لا أدري ماذا أفعل......... ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يمن عليك بنعمة الهداية والاستقامة ، وأن يجعلك من عباده الصالحين . واعلمي أيتها الأخت الكريمة أن الواجب عليك هو المسارعة إلى تغطية بدنك ولبس الحجاب الشرعي ، فقد قال تعالى : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما {الأحزاب: 59 } ونهى سبحانه نساء المؤمنين أن يبدين زينتهن لغير أزواجهن ومحارمهن إلا ما ظهر من الزينة ، فقال جل شأنه : ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن {النور: 31 } وقال سبحانه : وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى {الأحزاب: 33 } واعملي أيتها الأخت الكريمة أن المرأة المسلمة التي رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا يجب عليها الوقوف عند حدود الله والانقياد لشرعه ، ومن ذلك لبس الحجاب . واحذري من تخذيل الشيطان وتسويفه، فقد قال تعالى : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا {الأحزاب: 36 }
واعلمي أن الله توعد المرأة المتبرجة غير المحجبة بالحرمان من دخول الجنة ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا . رواه مسلم
بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلعن هذا الصنف المتبرج من النساء، فقد أخرج أحمد عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرحال ينزلون على أبواب المساجد ، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهن فإنهن ملعونات . ووصفهن النبي صلى الله عليه وسلم بالنفاق ، فقد أخرج البيهقي في السنن عن أبي أذينة الصدفي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية إذا اتقين الله ، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات ، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم .
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي تتعطر وتخرج ليجد الناس رائحة عطرها بأنها زانية . فقد أخرج النسائي وأبو داود والترمذي وأحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة استعطرت ثم خرجت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية . إلى غير هذا من النصوص الشرعية التي تحرم على المرأة المسلمة التبرج والسفور وإظهار زينتها للرجال الأجانب ، فعلى المسلمة أن تتقي الله في نفسها ، وأن لا تخرج من بيتها إلا محجبة محتشمة تفلة غير متعطرة ، حافظة لحدود الله ملتزمة بشرعه . وانظري الفتوى رقم :5413 .
هذا وإن تبرج المرأة معصية عظيمة ولكنه ليس مانعا من استجابة دعائها ، ولا يؤثر على صحة صلاتها ، بل صلاتها صحيحة إذا استوفت ما تصح به الصلاة من شروط وأركان ونحوها ، ومن الشروط : أن تستر جميع بدنها أثناء الصلاة إلا الوجه والكفين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار . رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة . والمقصود بالحائض : المرأة البالغة . وانظري الفتوى رقم : 120708. وينبغي أن يحفزك حبك لله وصلاتك إلى المسارعة بامتثال أمره سبحانه ولبس الحجاب ، فإن المؤمنة التقية يدل مظهرها على مخبرها ، يبدو إيمانها وتقواها في ملبسها كما يبدو في أقوالها وأعمالها، فتعرف أنها من أهل القرآن بتنفيذها أوامره ، فيحترمها المؤمنون ولا يؤذيها الفاسقون .
هذا واسألي الله كثيرا أن يرزقك الهداية والعفاف والاستقامة وأن يشرح صدرك ويكفيك شر الشيطان وشر نفسك ، فإن الدعاء هو مخ العبادة ولبها ، ويستجاب للعبد ما لم يعجل . وتحري في دعائك أوقات الإجابة الفاضلة كثلث الليل الآخر وقت النزول الإلهي وفي السجود وآخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة وعند الفطر في اليوم الذي تصومين فيه ، والتزمي آداب الدعاء ، ومنها الطهارة واستقبال القبلة ورفع اليدين والثناء على الله ومدحه بما هو أهله سبحانه قبل أن تسأليه مسألتك، والتوبة والاعتذار من ذنوبك السالفة ، ثم تسأليه من خير الدنيا والآخرة مع الذل والإلحاح وإظهار الفقر إلى الله والانطراح بين يديه ، ثم تصلي وتسلمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم . وانظري الفتوى رقم :8331 .
وإن الذي نوصيك به هو أن تزيدي في التعرف على الله ، وأن تتقربي منه أكثر ، وإن السبيل إلى ذلك هو قراءة القرآن بتدبر وحضور قلب ، وطلب العلم الشرعي النافع ، وذلك بحضور مجالس العلم ، وبمطالعة الكتب، وباستماع الأشرطة الإسلامية . وذلك كله متوفر بفضل الله تعالى . وانظري الفتويين :59729 .59868 .56544 .
ونوصيك كذلك بأن تكون لك رفقة صالحة من الأخوات الفضليات ، فإن صحبتهن من أعظم أسباب الاستقامة على دين الله التي هي سر سعادة العبد في الدنيا ، وذلك بعد فضل الله سبحانه . فتتعاوني معهن على الخير وعلى طلب العلم النافع ، واعلمي أن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية . وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية :10800 ،1208 ،16610 ،31768،12744 ،21743 ،
والله أعلم .