السؤال
عمري: 28 سنة أريد أن أتوب ذنوبي هي:1) لا أصلي (عمدا)، إلا إذا كان لي مصلحة دنيوية2) لا أصوم شهر رمضان (عمدا) ، ودائما أبطل صيامي (عمدا) بالعادة السرية في شهر رمضان3) فاشل في دراستي رسبت 8 سنوات متتالية حيث تكلف أبي على دراستي الجامعية 80،000$ ذهبت هدرا، لأني كنت أكذب عليه وأقول له إني ناجح4)سببت الله كذا مرة
5) أتوب ثم أعود لعمل كل ما لا يرضي الله ثم أتوب ثم أعود للشر وهكذا...6) منافق: أتوب عندما تنقتضي مصلحتي الشخصية ذلك أي ليس طاعة لله ذاته بل لأي مصلحة دنيوية أو خوفا من دخول النار أو طمعا بالجنة، أي توبة المنافقين7) متكبر وحسود و لا أتمنى الخير لأحد8)أشمت بمصيبة غيري لكي تهون علي مصيبتي9) أفقرت أبي بسبب كذبي عليه وصرفي لأمواله على دراستي الفاشلة في أميركا وكنت أصرف أمواله على الملاهي وغيرها10) أتمنى الشر لكل إنسان يتوفق في مقاصده من هذه الدنيا، لأنني حسود جدا 11)أذكر الله عند عدم تمكني من تحقيق غايتي وإذا لم يساعدني أسبه 12) أفعل العادة السرية كل يوم 5 مرات13) أستغيب الناس بالمؤامرات والنميمة14) بطران
اسئلتي هي:
1)أريد أن أتوب توبة صادقة ليس توبة منافقة لذلك في حال تبت توبة صادقة ثم عدت للشر ليس عمدا بل سأسميه إهمالا أو ضعفي أمامه ثم تبت توبة صادقة من جديد ثم تكرر ذلك كثيرا كثيرا وهكذا هل يقبل الله توبتي في كل مرة وهل إذا تبت هكذا فالتوبة كل مرة تمحي ما قبلها من الذنوب
3) مع العلم أنني نادم على ما فعلت ندم صادق ولكن أبي لا يصدقني و ينعتني بالمنافق ولكن كل ما أريده من الله تعالى أن يتوب علي ويعطيني سنتين لكي أنفذ مخططي الدراسي ثم أعمل وأرد لأبي ماله كله وأيضا أريد من الله تعالى أن يصبرني بضع سنوات لكي أتزوج.
باختصار: هل يقبل الله توبتي إذا كانت صادقة وفي حال عدت إلى الشر لأن العادات الشريرة التي ذكرتها سابقا" مكنتها مني هل يقبل الله تعالى توبتي من جديد وهكذا .... وهل يصبر الله أبي علي حتى أكون أنهيت دراستي ناجحا هذه المرة، لكي أعوض المال 80،000$ الذي صرفته على بطري واللهو والمجون لأني وعدت أبي بذلك فوافق لكن ليس من قلبه لأنه ما زال يعتقد أني منافق.
بالنسبة للصيام كيف أعوضه (عمري 28 سنة وكنت أفطر دائما بسبب العادة السرية الحقيرة وهل توبتي تعفيني من تعويضه هل يجب علي تعويض الصلاة ؟ ليس في قلبي شيء من القرآن الكريم؟ أنا كافر حقير منافق حسود متكبر أتمنى الشر للغير ولله نفسه لو أستطيع لأنه يوفق الناس الذين أكره لهم التوفيق هل لي من توبة ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالله تعالى أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين وأجود الأجودين ، وسعت رحمته كل شيء فلا يحرم منها إلا محروم ، وقد وعد التائبين بالقبول والمستغفرين بالمغفرة ، وأن العبد كلما تاب من ذنوبه تاب عليه ولو تكرر ذلك منه مرات ، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن عبدا أذنب ذنبا فقال : رب أذنبت ذنبا فاغفر لي ، قال الله تعالى : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبا آخر، فذكر مثل الأول مرتين أخريين . وفي رواية مسلم : قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء . يعني : ما دام على هذا الحال كلما أذنب استغفر فإني قد غفرت له. وروى الحاكم عن جابر أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : واذنوباه مرتين أو ثلاثا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : قل : اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي ، ورحمتك أرجى عندي من عملي ، فقالها ، ثم قال له عد: فعاد : ثم قال له : عد فعاد : ثم قال له قم : قد غفر الله لك . وقال تعالى : قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر: 53}
وقد قال الشاعر :
رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن فمن الذي يدعو ويرجو المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا وجميل عفوك ثم إني مسلم
فمن أذنب ثم تاب توبة صادقة ، وندم على مافعل وأقلع عن الذنب ، وصمم العزم على أن لا يعود فإن الله سيغفر له، ولو عاد إلى الذنب مرة ثانية ثم تاب توبة كالأولى غفر الله له ورحمه ، فعن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله تبارك وتعالى : يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة . رواه الترمذي وقال : حسن
ومما يعينك على التوبة والاستمرار على العمل الصالح بعدها الالتجاء إلى الله تعالى بكثرة الدعاء له ، وخاصة في أوقات الإجابة ، وكذلك المحافظة على أداء ما افترضه الله تعالى عليك ، وكذلك مصاحبة أهل الخير الذين يدلون على طاعة الله تعالى ، والحذر من قرناء السوء والبعد عنهم ، فقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل . ومما يعينك على التوبة أيضا البعد عن دواعي الذنب وأسبابه واجتناب مواطنه وأهله ، ولا شك أن السفر إلى الدول التي تبيح المحرمات وتنتشر فيها باب عظيم من أبواب الوقوع في الكبائر ، ولذا فإنا ننصحك بأن تتم تعليمك في بلد إسلامي إذا تيسر لك ذلك ، فإن لم يتيسر وكان العلم الذي تطلبه ليس فرضا عليك ( وهذا هو الغالب ) فلتبادر بالعودة إلى ديار المسلمين ولتطلب بها علما آخر ينفعك وينفع جماعة المسلمين ، وعليك بصحبة الصالحين ومخالطتهم ، كما جاء في حديث الذي أراد أن يتوب من القتل : فقال له العالم : انطلق إلى أرض كذاو كذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء . رواه مسلم
ولتعلم أن التوبة ليست نافلة من النوافل إن شاء العبد فعلها وإن شاء تركها ، بل هي فرض على كل مسلم ، أمر الله تعالى بها في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فقال جل وعلا : وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون {النور: 31} وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم مائة مرة . رواه مسلم
ولمعرفة حكم من سب الله تعالى راجع الفتوى رقم : 8927 ، والفتوى رقم : 12447 ، والفتوى رقم : 18080 .
ولمعرفة شروط التوبة الصادقة نحيلك إلى الفتوى رقم : 24611 ، والفتوى رقم : 42083 ، وانظر الفتوى رقم : 41414 ، ولمعرفة حكم تارك الصلاة وما يجب عليه راجع الفتوى رقم : 25963 ، أما عن كيفية قضاء الصيام فراجع فيه الفتاوى رقم : 15506 ، 18752 ، 19770 ، ولمعرفة خطر العادة السرية وكيفية التوبة منها راجع الفتويين رقم : 5524 ، 12596 .
ونسأل الله أن يقبل توبتك وأن يوفقك لما فيه الخير والصلاح والفلاح النجاح إنه ولي ذلك .
والله أعلم .