المؤمن يرضى بالقضاء ويصبر على البلاء

0 356

السؤال

عندما كان عمري في الثانية والثلاثين حدث لي موقف لم تحتمله أعصابي جعلني بعدها أحس أنه سيكون لي شأن عظيم وأنني ربما أكون خليفة المسلمين وفي بعض المواقف أحس أن هناك مؤامرة علي.إلا أن هذا الشعور لم يؤثر على حياتي وبقيت أعيش حياتي العادية. وتركت تلك الدولة التي حصل لي فيها الموقف وحضرت إلى بلادي واستمررت عاديا حيث إنني شاب ملتزم وابن دعوة إسلامية وبقيت أدعو إلى الله بما أستطيع. لكن الحادث جعلني شكاكا . وأحس أنني مقصود في بعض المواقف. لكنني كنت عابدا مقيما لليل ومبسوطا في مجال العبادة. طلقت زوجتي ثلاث طلقات لفترات متباعدة.أذكر الطلقة الأولى والثالثة حيث قلت لها أنت طالق .الطلقة الثانية لا أذكر إن قلت لها إذا شغلت التلفزيون فأنت طالق أو أنت طالق. ذهبت للمحكمة وتم إحالتي للمفتي.فأسقط الطلقة الثانية بناء على رواية زوجتي لأنني لم أذكر الطلقة الثانية.أنا لم أرتح مئة بالمئة للفتوى لإني شكاك وموسوس , ولا أثق بمفتي الحكومة لكني كنت مقتنعا أن الطلاق البدعي لا يقع بناء على رأي ابن تيمية والشوكاني حيث إنني معجب بهما . إثر خلاف في موقع ما مع إخوة في الله تعبت ثم بفضل الدعاء والذكر وقيام الليل تحسنت. لكن وأنا أمشي في الشارع يوما قررت الذهاب لطبيب نفسي لأتاكد من الأفكار التي تدور برأسي أحيانا من أنه سيكون لي شأن عظيم فقال لي الطبيب بأنك مريض وأعطاني دواء وقال لي بأنه خلال أسبوعين ستكون شخصا آخر ولكن اكتشفت أن الدواء يؤخذ لأكثر من سنة وتعبت من الدواء كثيرا وما عدت أحس بقلبي الديني بعد أخذ الدواء وكانت حالتي قبل أخذ الدواء أفضل من حالتي بعد أخذه ذهبت لطبيب آخر وغيرت الدواء فتحسنت حالتي لكن القضية التي ترافقني هو عدم الإحساس بالقلب الديني فمهما ذكرت أو صليت لا يتقدم الإيمان أو يتأخر كما أصبح النوم بعد تناول الدواء أقل. ولا أدري هل عدم إحساسي بقلبي الديني هو من الدواء النفسي الذي يقول عنه البعض إنه مخدر. أحيانا تتعب نفسي فأقول إن عدم إحساسي بقلبي وذهابي للطبيب عموما هو ربما تكون عيشتي مع زوجتي حرام فحدث لي ما حدث عقابا ثم أقول هذا من وسوسة الشيطان ليخرب بيتي حيث بعد أخذي للدواء تغير رأيي حول الطلاق البدعي وعدت أقول أنه لا يقع. فلا أدري ما أنا فيه أهو عقاب أم ابتلاء.أرجو النصح لأنني متعب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أن كل من في هذه الحياة الدنيا يبتلى, ولكن الفرق بين المؤمن وغيره هو أن المؤمن يرضى بقضاء الله وقدره, فإن يصبر ويحتسب الأجر عند الله تعالى كان على خير عظيم. والمصائب التي تصيب المؤمن لا يلزم أن تكون عقابا على ذنوب أتاها, إذ قد يكون ذلك مجرد ابتلاء, ولو قدر أن كان عقابا فإن المصائب مكفرات للذنوب. فالمؤمن على خير دائما فدع عنك الوساوس واستأنف أمور معاشك ومعادك كأن شيئا لم يكن. وراجع الفتوى رقم: 5249 .

وأما بخصوص الطلقة التي ذكرت أن المفتي قد أفتاك بعدم وقوعها فإن كان الحال ما ذكرت فمن أفتاك جهة معتبرة يؤخذ بقولها  فلا تلتفت إلى هذه الوساوس, واستأنف حياتك مع زوجتك وأحسن عشرتها وكن على حذر من جعل التلفظ بالطلاق وسيلة لما قد يطرأ من مشاكل في حياتكما الزوجية .

وأما وقوع الطلاق البدعي أو عدم وقوعه فمحل خلاف بين العلماء وقد سبق أن ذكرنا الخلاف فيه بالفتوى رقم: 8507 ومن ذهب إلى عدم وقوعه علماء أجلاء فمن تبين له رجحان قولهم فذهب إليه أو ذهب إليه تقليدا لمن أفتاه به من العلماء فله المصير إليه والعمل به .

والأصل في الدواء أنه لا تأثير له في زيادة الإيمان أو نقصانه إلا أن يكون ذلك من سبيل غير مباشر كأن يكون الدواء سببا في الشعور ببعض الفتور في البدن فيترتب عليه عدم النشاط في العبادة والطاعة والتي هي سبيل لزيادة الإيمان. وينبغي على كل حال أن تجتهد في تزكية نفسك. وراجع في وسائل تقوية الإيمان الفتوى رقم:10800 , وراجع في سبيل علاج الوسواس الفتوى رقم:10973 . وننبهك إلى عدم الالتفات إلى ما ذكرت أنك تحس به من شعور بأنك لك شأن عظيم وأنك ستكون خليفة المسلمين .... إلخ فإن هذه مجرد وساوس يجب عليك مدافعتها إن طرأت عليك, فالاسترسال معها قد تترتب عليه عواقب غير حميدة, وفوض أمرك لله تعالى, وما قدر سيكون .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات