السؤال
إن جدي 85 سنة وجدتي 77 سنة من أمي معوقان أما جدي فهو فاقد لإحدى يديه وأما جدتي فتعاني من ارتفاع ضغط الدم المزمن ومن السكري وتعاني من شلل جزئي في جانبها الأيمن ويعيش معهما خالي وزوجته وخالتي وأبناؤها ويسكن بجانب المنزل كل من خالي وخالتي، يا سيدي إنهم يخالفون تعليمات الطبيب فيطعمون جدتي الموالح والحلوى ويجعلونها تتخلف عن مواعيد الطبيب، يفتنون بين جدي وبقية أبنائهم، مع العلم بأن أمي طلبت من جدي وجدتي المكوث معنا بعد موافقة أبي ولكنهما رفضا، حين نزور بيت جدي نجدهن يقمن باستعمال طقوس الدجل مثل البخور المنتن والتمتمة بكلام لا معنى له وخلال خصام بيننا توعدوا بسحرنا دون أن نذكر محاولاتهم أخذ أمي معهم إلى السحرة وظنهم أن تلك الأعمال تحبب فيهم أزواجهم، ضربوا أمي في كثير من الأحوال وهي أختهم الكبرى خصوصا حين محاولتها للإصلاح بين أبويها وبقية إخوانها وإن أمي لم تعد تحتمل أذيتهم وحين تزور أبويها تتحاشاهم قدر المستطاع ولا تكلمهم إلا لأجل دواء أو حاجة لأبويها أما خالي فإنه ينصر أخواته ويتردد معهن على الدجالين ويضرب أمي، بل إنهن أتين لبيتنا واعتدين على أخواتي بينما كانت أمي تحمل جدتي للطبيب، ولهذا فقد قررنا نحن وأمنا بمقاطعة كل من خالاتي الثلاث وخالي ولكنا نخاف وبعد كل الأسباب التي ذكرت أن نكون من قاطعي الرحم، فما هو الحكم بالنسبة لأمي خصوصا وأنها قللت من زياراتها لأبويها خوفا من السحر والأذية، إن أمي كانت هي التي تأخذ جدتي لمواعيدها الدورية لمراقبة ضغط الدم والسكري ولكن بعد أن رأت أن أخوتها وأخاها لا يطبقون تعليمات الطبيب تركت لهم مؤخرا المواعيد فأهملوها فماذا تفعل خصوصا أنها إن واصلت أخذ أمها إلى الطبيب الذي أعلمها أن على أحد المقيمين معها والساهرين على إطعامها يأتي معها سوف تضطر إلى مواجهتهم، إن جدي يدخن وأبي يسمح لأمي بأخذ الطعام والحاجيات لأبويها، فهل إذا ما اشترت له السجائر وهو يطلب منها أحيانا هذا، فهل عليها شيء لأنها تساعد جدي على قتل نفسه بالتدخين؟ شكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور نجملها فيما يلي:
- قولك إنكم حين تزورون بيت جديك تجدون هناك من يقومون باستعمال طقوس الدجل مثل البخور المنتن والتمتمة بكلام لا معنى له، ومحاولاتهم أخذ أمك معهم إلى السحرة، وظنهم أن تلك الأعمال تحبب فيهم أزواجهم.
- قولك إنكم قررتم مع أمكم مقاطعة كل من خالاتك الثلاث وخالك.
- سؤالك عما إذا كانت أمك إذا اشترت لجدك السجائر يكون عليها في ذلك شيء أم لا؟.
وحول النقطة الأولى: فإنه لا يجوز الذهاب إلى السحرة أو الكهنة أو العرافين، ولا العمل بما يأمرون به، ولا تصديقهم فيما يقولون، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه فيما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه أحمد والحاكم.
وفي سنن البيهقي ومسند أبي يعلى عن عبد الله بن مسعود قال: من أتى ساحرا أو كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما.
وحول النقطة الثانية: فإن صلة الرحم من القضايا التي حثنا عليها ديننا الحنيف، والقرآن الكريم والسنة مملوءان بالآيات والأحاديث التي ترشد إلى ذلك، فالله جل وعلا قد قرن قطع الأرحام بالفساد في الأرض، قال الله تعالى: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم {محمد:22}.
فاصبروا واحتسبوا الأجر عند الله، وقابلوا ما تجدونه من أذى بالإحسان وبالصبر الجميل، ولتكن هذه الآية أمامكم، وهي قوله تعالى: ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم* وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم {فصلت:34-35}.
ونذكركم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
وأما موضوع التدخين فنحيلك في حكمه على الفتوى رقم: 1819.
وبناء عليه فلا يجوز لوالدتك أن تشتري السجائر لأبيها، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والهيثمي والألباني.
والله أعلم.