السؤال
هل التوبة من الذنب لأجل أن يرد الله ما حرمني إياه بسبب المعصية شرك أو حرام، فلقد سمعت في حلقة 12 في شرح كتاب التوحيد للشيخ صالح آل الشيخ أن ابتغاء العبد بعبادة لم يذكر الشرع أن لها ثواب في الدنيا ثواب الدنيا يعد شركا أصغر، فإن كان صحيحا فلماذا يعد شركا وليس حراما فقط، ولماذا يسمى حراما ونحن مخلصون فيه لله، فأرجو التوضيح ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن شروط التوبة الصادقة الخالصة أن يكون الحامل عليها هو ابتغاء رضوان الله تعالى وعفوه، وليست بقصد الحصول على ما فات من أمور الدنيا بسبب المعصية؛ لأن هذا معناه أنه لولا فوات هذا الأمر والرغبة في الحصول عليه مرة أخرى ما تاب هذا العاصي فهذه التوبة ليست توبة صادقة، ولكن لو كان فوات هذا الأمر سببا في توبة العاصي فتاب مخلصا صادقا فتوبته تامة لا نقص فيها لأنه تنبه بهذه العقوبة فتاب وأناب إلى ربه لا بقصد الحصول على ذلك الفائت، قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد: من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا. ثم أورد قول الله تعالى: من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون* أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون {هود:15-16}، وكان هذا العمل شركا أصغر لأنه ابتغى بعمل الآخرة حطام الدنيا، روى أبو داود بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله -عز وجل- لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة. أي ريحها الطيب لأنه محض عمل الآخرة للدنيا.
وأما من عمل صالحا لله رجاء أن يكرمه الله تعالى بالمنافع ويدفع عنه المكاره فلا يكون عمله شركا، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في القول المفيد شرح كتاب التوحيد: الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين- حسني الدنيا وحسني الآخرة- فلا شيء عليه لأن الله يقول: ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب. فرغبة في التقوى بذكر المخرج من كل ضيق والرزق من حيث لا يحتسب.
والله أعلم.